دخيل سليمان المحمدي

ثقافة العمل التطوعي

الأربعاء - 05 أكتوبر 2016

Wed - 05 Oct 2016

عندما تقرأ الآية الكريمة «وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان» تتيقن الأمر الإلهي الذي أوجب علينا التعاون على البر وعلى التقوى. والبر والتقوى كما ذكر المفسرون هما كلمتان جامعتان للخير كله، ومن هذا الخير ذلك العمل الإنساني الذي ليس له مقابل مادي والمسمى بالعمل التطوعي، والذي قد عرف بأنه الجهد الذي يبذله أي إنسان بلا مقابل لمجتمعه بدافع منه للإسهام في تحمل مسؤولية المؤسسة التي تعمل على تقديم الرعاية الاجتماعية.



وبكل أسف هناك الكثيرون من مجتمعنا ينظرون إلى العمل التطوعي على أنه مضيعة للوقت، وتجد أحدهم عندما يسأل أي شخص يعمل متطوعا في جمعية خيرية أو أي قطاع بدون مقابل مالي، ينتقص من ذلك العمل حتى لو لم يصرح بالانتقاص قولا. تقرأ ذلك في تعابير وجهه وطريقة حديثه!



ديننا الإسلامي حثنا على العمل التطوعي، والذي يعتبر صدقة ستنال ثوابها وأجرها من الله سبحانه وتعالى، ولم يحدد له مجالا أو تخصصا معينا، حيث إن من يعمل لأجل مجتمعه بدون مقابل فهو متطوع، وسأضرب لكم مثالا حيا على ذلك، فالكاتب الذي يكتب عن أي قضية تهم المجتمع بإصلاح، أو تجلب لمجتمعه منفعة طبعا بدون مقابل يتقاضاه من أجل كتابته يعتبر متطوعا، فالكتابة من نعم الله على العباد، والتي لا تستقيم أمورهم الدينية ولا الدنيوية إلا بها، ومن علمه الله الكتابة فقد تفضل عليه بفضل عظيم، فمن تمام الشكر لله على هذه النعمة أن يقضي بكتاباته حاجات العباد.



لا أنسى! عندما كنا طلابا نقوم بتنظيف المدرسة كعمل تطوعي كان هناك تذمر شديد من أولياء الأمور تجاه الإدارة، وربما يكون هناك من تحدث مع المدير وصرح بعدم رضاه عن هذا العمل الذي يقوم به أبناؤهم بدون أي مقابل، وهكذا تلاشت تلك الفكرة وأصبح الطالب الآن لا يمسح كرسيه وطاولته التي يجلس عليها.



لا بد من تثقيف المجتمع، وذلك بتخصيص ساعة أسبوعية في جميع مراحل التعليم بعمل دورات وندوات بأهمية العمل التطوعي. وأيضا عمل دورات للموظفين، وحبذا أن يكون المشرف عليها معهد الإدارة، وتحسب لهذه الدورات النقاط الكاملة لجميع المسميات الوظيفية، حتى يكون ذلك حافزا لحضورها.



العمل التطوعي ثقافة وحضارة وعلم حثنا عليه ديننا الإسلامي، وأصبح ركيزة تعتمد عليها جميع الدول المتقدمة حضاريا، ومن اهتمامهم بذلك خصصوا لكل شخص ساعة عمل تطوعية يومية، أليس من الأولى بنا نحن المسلمين أن نكون قدوة لهم في ذلك؟



للأسف الشديد! حب المقابل الدنيوي عند الكثيرين حال بينهم وبين ذلك الشرف العظيم.