جدل في اليونيسكو حول فصل "العربية" عن الدين
جدل تشهده منظمة اليونيسكو حول فصل اللغة العربية عن الدين الإسلامي، فالبعض يرى أن هذه اللغة لم تكتسب شهرتها إلا من خلال ارتباطها بالإسلام، في حين يؤكد آخرون على أن القدسية تتعلق بالقرآن الكريم فقط وليست باللغة نفسها
جدل تشهده منظمة اليونيسكو حول فصل اللغة العربية عن الدين الإسلامي، فالبعض يرى أن هذه اللغة لم تكتسب شهرتها إلا من خلال ارتباطها بالإسلام، في حين يؤكد آخرون على أن القدسية تتعلق بالقرآن الكريم فقط وليست باللغة نفسها
الجمعة - 16 مايو 2014
Fri - 16 May 2014
جدل تشهده منظمة اليونيسكو حول فصل اللغة العربية عن الدين الإسلامي، فالبعض يرى أن هذه اللغة لم تكتسب شهرتها إلا من خلال ارتباطها بالإسلام، في حين يؤكد آخرون على أن القدسية تتعلق بالقرآن الكريم فقط وليست باللغة نفسها.
تقبل التجديد
المندوب الدائم للجمهورية اليمنية لدى اليونيسكو الدكتور أحمد الصياد، يقول لـ»مكة»: إن الوضع الحالي للغة العربية ليس خطرا باعتبارها لا تعاني من إشكاليات تدفع بها نحو الانحسار، مضيفا أنه على الرغم من ذلك فإن على الدول والمؤسسات التربوية والثقافية بذل جهودها من أجل تطوير خدمة اللغة العربية، وعدم النظر إليها بمنظور جامد، بل بالعكس فهي قابلة للتغيير والتطوير وإضافة مفردات جديدة تتناسب مع متطلبات كل عصر.
ويشير الصياد إلى أن الربط بين اللغة العربية والقرآن الكريم أمر خاطئ، لا سيما وأن اللغة ليست مقدسة على عكس القرآن الكريم، حيث إنها تقبل التجديد كأساس ضروري لاستمراريتها ومواكبتها للمتطلبات كافة، مطالبا بضرورة إبعادها عن المناهج الدينية والنزعات القومية والسياسية.
ولفت الصياد إلى أن اللغة العربية تعد لغة رسمية لدى اليونيسكو، غير أن لغة العمل هي الإنجليزية، ولكنه استدرك قائلا «اطلقت المنظمة مبادرة إقرار 18 ديسمبر من كل عام كيوم عالمي للغة العربية، بهدف إعادة الحياة لها ببعض المؤسسات الأجنبية».
الدين والقومية
من جانبه، يرى ممثل المملكة العربية السعودية لدى اليونيسكو الدكتور زياد الدريس، أن اللغة العربية محفوظة بحفظ القرآن الكريم، ولا يمكن عزلها عن الدين الإسلامي ولا عن القومية وغيرها في ظل وجود ناطقين بها من غير المسلمين.
ويقول الدريس لـ»مكة»: إذا أردنا ربط اللغة العربية بالدين الإسلامي فقط، فإننا بذلك نسيء للعرب من غير المسلمين، الذين منهم من خدموها بشكل أكبر من المسلمين أنفسهم، وإن ربطناها بالقومية دون الإسلام، فبذلك إزاحة لكثيرين ممن تعلموا اللغة العربية لأجل الدين الإسلامي.
"العامية" للترويج
ويبدو أن اللهجات العامية كانت بداية انقسام بين المهتمين باللغة العربية، من ناحية مدى إمكانية استخدامها في تأصيل لغة الضاد، أو استغلالها لطمس ما تبقى من مفردات لغوية عربية فصحى عبر تجديدها وإدخال كلمات مستقاة من لغات أجنبية يتم تعريبها بمجهودات فردية.
وانتقد رئيس منتدى المثقف العربي بالقاهرة الدكتور عبدالولي الشميري، اتجاه وسائل الإعلام المرئية الحديثة لاستخدام اللهجات العامية في الترويج لمحتواها الإعلامي، معتبرا ذلك انحسارا حقيقيا للغة العربية.
وقال الشميري لـ»مكة»: نعيش الآن مرحلة ضياع للغة العربية، نتيجة عدم وجود منتج عربي نقي يتم تقديمه للجيل الحديث، فضلا عن متطلبات سوق العمل في الدول العربية كافة، والتي تحتم التحدث بلغات أجنبية متعددة، فلا مكان للغتنا العربية حاليا.
وأكد الشميري أهمية التركيز على كيفية تعميق اللغة العربية في الأجيال القادمة، وجعلها حاضرة في أذهان الناس، مضيفا «لا بد من تيسير المناهج التعليمية الحديثة، خاصة أن لغتنا أصبحت مقتصرة على المعلقات والقصائد القديمة، ما يكسبها الجمود والصعوبة في تعلمها«.
الانفتاح على اللهجات
ويخالف الشميري الرأي وزير ومدير مكتب الرئاسة، المتحدث الرسمي باسم رئاسة جمهورية تونس الدكتور عدنان المنصر، بقوله: هناك لغات عدة اندثرت لعجزها عن التطور، والإشكالية في البلدان العربية منهجية ومختلفة تماما، فهي تملك الطاقات لتنظيم اهتمام اللغة العربية، غير أن مخرجاتها شبه غائبة.
وبين المنصر أن اللهجات العامية، التي يعدها البعض تهديدا للغة العربية، تعد إثراء حقيقيا لها في كثير من الحالات، مشددا على «ضرورة الانفتاح نحو تلك اللهجات بالدول العربية كافة، ووضع استراتيجيات بعيدة ومتوسطة وقصيرة المدى، من أجل تحقيق الفائدة للغة الأم من اللهجات العامية».
وزاد المنصر «هناك مشاريع سياسية عربية متعددة، ولكن لم نجد مشروعا عربيا وطنيا موحدا، وأي مشروع ثقافي عربي لا ينظر إلى اللهجات العامية كرافد للغة العربية يعد فاشلا»، مستشهدا بوجود معاهد متطورة لتعليم اللهجات العامية في الدول الأوروبية لضمان استمرار لغاتها.
افتح يا سمسم
من جهته، عد المدير العام لمكتب التربية العربي لدول الخليج، الدكتور علي القرني، سلسلة برامج افتح يا سمسم التي كانت تبث قديما، أحد أسباب دعم اللغة العربية لدى الأطفال منذ سنواتهم الأولى، معلنا عن إعادة هذه السلسلة في دول مجلس التعاون الخليجي كونها جزءا من النسيج التعليمي، إضافة إلى أنها متجددة باستمرار، قائلا: إن مكتب التربية العربي لدول الخليج قام بإنتاج الحلقات الأولى منه تمهيدا لبثها مع بداية 2015.
وذكر القرني أن المشكلة الحقيقية للغة العربية على مستوى دول الوطن العربي، تتمثل في ربط أنظمة التعليم بوزارات حكومية، وتخلي المجتمع بأكمله عن تعليمها، مضيفا «لم تنجح الأنظمة التعليمية في إيجاد طريقة سليمة لتعليم اللغة العربية سواء لغير الناطقين بها أو حتى أبناء الدول العربية أنفسهم».