منى عبدالفتاح

جاستا.. وينقلب سحر الكونجرس على بلاده

الأربعاء - 05 أكتوبر 2016

Wed - 05 Oct 2016

ما لا ينبغي المغالطة حوله هو أن المملكة العربية السعودية هي المتضرر الأكبر من الإرهاب، وأن ما قامت وتقوم به من جهود لمكافحة الإرهاب يفوق ما تقدمه الولايات المتحدة الأمريكية التي تقدم مصلحتها قبل القيام بأي خطوة.



عندما تكافح المملكة الإرهاب فهي تنظر إلى أمن الدولة غير المنفصم عن أمن الإقليم بمجمله، وما قد ينعكس تأثيره على العالم بأكمله.



لم يشر قانون جاستا «العدالة ضد رعاة الإرهاب»، صراحة إلى السعودية وإنما هو تعديل لقانون صدر في عام 1967 يعطي حصانة لبلدان أخرى من الملاحقة القضائية في الولايات المتحدة الأمريكية، الأمر الذي سيعطي الحق لأسر ضحايا هجمات الـ 11 من سبتمبر في رفع دعاواهم لمقاضاة السعودية.

استخدم الرئيس باراك أوباما فيتو ضد هذا القانون، ولكن الكونجرس الأمريكي أبطله ليصبح هذا التشريع المثير للجدل ساري المفعول.



وبحسب وكالة بلومبيرج، فإن لجنة أمريكية قامت بالعديد من التحقيقات في عام 2004 أثبتت عدم صلة السعودية بالهجمات، وبالرغم من اعتراض البيت الأبيض، إلا أن الكونجرس الأمريكي مرر القانون.



فمن يقنع هذا الكونجرس بأنه ربما تنقلب على بلاده يد العدالة التي يدعي المطالبة بها، فلا يقتصر أمر الضرر من تجاوزات الولايات المتحدة على العالم على تحقيقها لعدالة انتقائية تصب في مصلحتها فقط. وإنما ستكون هناك سيناريوهات متوقعة لمطالبات بعدالة تاريخية تمتد منذ دخول البيض إلى أمريكا وقتلهم وتشريدهم المواطنين الأصليين من الهنود الحمر، والمطالبة بحقوقهم التاريخية في البلد بأكملها فضلا عن التعويضات.



ثم سيناريو آخر يقرر فيه اليابانيون ضحايا قنبلتي هيروشيما وناجازاكي النوويتين اللتين تلقتهما اليابان بعد هزيمتها في الحرب العالمية الثانية (1939 - 1945) على يد الجيش الأمريكي، رفع دعوى قضائية للتعويضات وتحقيق العدالة. وكذلك سيناريو يقوم فيه الفيتناميون بالمطالبة أيضا بتحقيق العدالة بسبب المجازر التي ارتكبتها أمريكا في بلادهم. ففي ستينات وسبعينات القرن الماضي تصاعد تدخل الولايات المتحدة العسكري في فيتنام لدرجة انغماسها في ما عرف بـ «المستنقع الفيتنامي»، بسبب المجازر التي ارتكبها الجيش الأمريكي بحق المدنيين، مما أثار هذا التدخل انقساما عميقا في الداخل الأمريكي، وأثر بالسلب على صورتها في الخارج، واضطرها إلى الانسحاب بعد أن بلغ عدد ضحايا هذه الحرب 59 ألف جندي أمريكي مقابل ما يتراوح بين مليونين وأربع ملايين فيتنامي.



ثم سيناريوهات عربية بمطالبات العراقيين بتحقيق العدالة بعد غزو الولايات المتحدة لبلادهم عام 2003 وعمليات الإبادة والحرب التي شنتها عليهم، وتداعياتها المتمثلة في ظهور تنظيم داعش الحالي باعتراف مسؤولين أمريكيين، ألا يعد هذا دليلا واضحا لرعاية الإرهاب.



ثم مطالبة الفلسطينيين، بتحقيق العدالة من أمريكا بصفتها الراعية الأولى للمجازر التي تقوم بها إسرائيل وحاميتها وداعمتها الأولى في كل ما تقوم به من ظلم وتشريد وقتل للفلسطينيين.

ويجيء دور السودان ليقوم بالمطالبة بالعدالة في حادثة قصف الولايات المتحدة لمصنع الشفاء للأدوية بالخرطوم بحري في عام 1998، بهجوم صاروخي مما كانت نتيجته ضحايا من عشرات الآلاف من المدنيين، ماتوا نتيجة قطع إمدادات الأدوية عنهم. ثم يجيء الحصار الاقتصادي الأمريكي المفروض على السودان وضحاياه من المواطنين، ومساهمة الولايات المتحدة المباشرة في فصل جنوب السودان مما أفقد البلد خمس مساحته وإنتاجه النفطي.



تحتمي المملكة العربية السعودية بوسائل ضغط قد ترغم العنجهية الأمريكية على التنازل. وتتمثل هذه الوسائل في سحب مليارات الدولارات من الاقتصاد الأمريكي، وتجميد استثمارات الشركات الخاصة السعودية الأمريكية، قبل أن تقوم الولايات المتحدة بسن تشريعات تخول السلطات الأمريكية من تجميد الأصول المالية السعودية بأوامر قضائية، بالإضافة إلى الضغط عبر سلاح النفط.



[email protected]