ثقافة المجتمع إلى أين؟
الثقافة الاجتماعية من أجمل -وفي الآن نفسه من أخطر- الثقافات وأعقدها، يأتي ذلك من ظروف نشأتها ومن طريقة تكونها.
الثقافة الاجتماعية من أجمل -وفي الآن نفسه من أخطر- الثقافات وأعقدها، يأتي ذلك من ظروف نشأتها ومن طريقة تكونها.
الخميس - 15 مايو 2014
Thu - 15 May 2014
الثقافة الاجتماعية من أجمل -وفي الآن نفسه من أخطر- الثقافات وأعقدها، يأتي ذلك من ظروف نشأتها ومن طريقة تكونها.
كما تكون خطيرة ومعقدة من سيرورة تطورها خارج الإرادة وخارج السيطرة، كنتيجة للتعددية والتنوع العالمي، وتقاطع الرؤى والمصالح وتشابكها في آن! وكل ذلك واقع لا يتطلب البرهان.
وعندما يقع الحدث، أو يتغير الحال، يخرج النمط، وأقبحه عادات فهمية راكدة، نمط
لا يمثل علما ينتفع به ولا تجربة يمكن استلهامها، ولكنها أوهام الفهم، واستعلاء القاصر وتطاول الجاهل.
هذا النوع من الثقافة يهدد التنمية، ويعكس انطباعا سلبيا عن التكون الثقافي للمجتمع ومناهجه التعليمية، وأساليبه التربوية! باعتبار أن المخرجات نتائج المدخلات.
ومع غياب النقد، أو وجل المواجهة، أو تغليب السلامة، تترسخ المفاهيم الكاذبة الخاطئة كقوانين راسخة، ويصبح الحامي لها والمدافع المنافح عنها بطل الرواية وأسطورة القصة! وشيخ الإسلام وإمام الزمان! وحيد عصره وفريد دهره! في عناوين لتضخم الأنا وفراغ الجوهر وإقفار الروح.
ولأن هذه الثقافة مؤدلجة ومصنعة مسبقاً فهي تستخدم حديثا لكل حدث وتتحول إلى شعارات للمواجهة في كل طريق للوعي، ولإجهاض كل مشروع تنموي.
لست ضد الرأي الحكيم والدراسة الناقدة، بل ولست ضد رأي يخالف حين يكون في حدود الأدب وفي طريق البحث عن التكامل.
إن الثقافة المجتمعية في خطابيها الديني والمجتمعي الذي يعني حديث الناس حين يكون واعياً فإنه يشكل الأساس الجميل لكل بناء اقتصادي وسياسي وتعلمي. وعلى العكس حين تتحول هذه الثقافة المجتمعية إلى خطاب الممانعة والرفض، ليس لأن ما يحدث هو في حقيقته مرفوضاً وممنوعاً، ولكن لأن ما يحدث هو خارج المألوف أو لأنه لا يتصالح مع أيديولوجيات تفخخت بها الأدمغة، أو لأنه يكشف حسابات المصالح المغلوطة.
وتزداد خطورة هذا النوع من خطاب المجتمع حين يتم في سياق الخطاب الديني، وتقحم فيه الفتاوى والفقهيات التي يتم تشكيها في غياب الوعي، لتصنع أثرها في الحالة التنموية المجتمعية.
لقد تأثر المجتمع كثيراً بخطابات من هذا النوع، وكثير منها حول المرأة التي صورتها تلك الخطابات وكأنها شيء غريب مخيف لحد الخطر! وهي أكثر مكونات المجتمع الذي نالته خطابات التحريم والتجريم في حركتها ولباسها وسفرها ومشاركتها الحياتية وغير ذلك، إلى حياتها الخاصة جداً! وخطابات أخرى سالبة حول الشباب وتطلعاته المغايرة للركود العادي مما صنف على أنه ضياع وخروج عن القيم، أو يصنف أحياناً كمحرمات دينية! ولم يكن الأمر كذلك، بل كان ممارسات جديدة غير مألوفة، أو أخطاء بسيطة لا تستدعي كثافة التجريم المجتمعي لها، مما خلق ردود الأفعال لدى الشباب تجاه مجتمعهم.
وأمام كل ذلك وتفصيله أكثر مما ذكر، نجد أنفسنا في حاجة إلى تشريع قانوني ينظم الخطاب الديني المجتمعي من حيث الفتاوى والخطب والمحاضرات، وينهي فوضي الخطاب الذي أصبح تائها في يد كل أحد. وأرجو أن يكون ذلك في وعي المسؤول وصاحب القرار في مجتمع من حقه العيش بحب وسلام ووعي يحفظ مكوناته ويستشرف مستقبله.