هل يكون مصير نيجيريا مثل رواندا؟


اختطاف جماعة بوكو حرام في نيجيريا 276 فتاة مؤخرا وتهديد التنظيم بتزويج الفتيات قسرا صدم الرأي العام العالمي


اختطاف جماعة بوكو حرام في نيجيريا 276 فتاة مؤخرا وتهديد التنظيم بتزويج الفتيات قسرا صدم الرأي العام العالمي

الثلاثاء - 13 مايو 2014

Tue - 13 May 2014



اختطاف جماعة بوكو حرام في نيجيريا 276 فتاة مؤخرا وتهديد التنظيم بتزويج الفتيات قسرا صدم الرأي العام العالمي. ومع أن هذا التهديد من بوكو حرام هو تكتيك جديد، إلا أن هذه الجماعة لديها تاريخ طويل في إجبار الفتيان الصغار على حمل السلاح والانضمام إليها. غسيل الدماغ يتم عن طريق متشددين إسلاميين بدلا من استخدام السحر أو المخدرات. ولولا اهتمام الإعلام الاجتماعي في حملتين منفصلتين بعملية الاختطاف لربما كان العالم تجاهل هذا الخبر كما تجاهل فظائع أخرى تجري في المنطقة منذ زمن. الحملة الإعلامية الأولى أطلقها ناشطون على تويتر استجابة للغضب العام ضد الرد البطيء للحكومة النيجيرية، لكن المفارقة هي أن الحملة الإعلامية الثانية التي أطلقها دون قصد قائد جماعة بوكو حرام، أبو بكر شيكاو، كانت أكثر تأثيرا من حملة النشطاء. فقد ظهر شيكاو في شريط فيديو نشر يوم الاثنين وأقسم أن يقوم ببيع المختطفات كـ»إماء». وأضاف أمام الكاميرا وهو يرتدي لباسا عسكريا «والله سأبيعهن في السوق. سأزوج امرأة في عمر 12 سنة. سأزوج فتاة عمرها 9 سنوات».

هذا الشريط بالتهديدات التي يحتويها والإيحاءات الجنسية التي هيمنت على لغته كان كافيا لإقناع المجتمع الدولي. خلال ساعات، وصلت عروض بالمساعدة على العثور على المختطفات من واشنطن ولندن. وبين عشية وضحاها، أصبح المتمردون النيجيريون الذين تجاهلهم العالم طويلا محط اهتمام عالمي كبير، لكن الأمر سيتطلب أكثر بكثير من مناشدات المشاهير ونصائح كبار العسكريين لإنهاء التهديد الذي تمثله منظمة بوكو حرام. مثل باقي المنظمات المتشددة، تعمل بوكو حرام من خلال تصوير الحكومات الحديثة العلمانية على أنها حكومات فاسدة وغير أخلاقية. وفي حالة نيجيريا، هذا ليس أمرا يصعب ادعاؤه، رغم أنها تأتي في الترتيب الثامن في إنتاج النفط في العالم، ورغم استقلالها من الاستعمار البريطاني منذ أكثر من نصف قرن، لا تزال نيجيريا بلدا فقيرا –خاصة في الشمال الذي غالبيته من المسلمين، حيث يعيش 70% من الناس على أقل من دولار يوميا، لذلك عندما أسس محمد يوسف منظمة بوكو حرام في أواخر التسعينات حصل على أتباع كثيرين بسرعة. مطالب المنظمة شملت تطبيق الشريعة الإسلامية ومنع التعليم العلماني.

وفي سنواتها الأولى حصلت بوكو حرام على تعاطف حكام الشمال في نيجيريا، حيث طبق عدد منهم شكلا معتدلا من الشريعة، لكنهم كانوا يستغلون ذلك على الأغلب كدعاية انتخابية، لكن تشدد محمد يوسف رسم خطا أحمر للحكومة، وعندما حمل بعض أنصاره السلاح ردت الحكومة النيجيرية بعنف. في معركة في مايدوجوري في 2009 سقط 600 قتيل ودمرت قوات الأمن النيجيرية مسجد الجماعة واعتقلت المئات من مؤيدي بوكو حرام، بمن في ذلك مؤسس المنظمة محمد يوسف، الذي مات في الاعتقال بعد فترة وجيزة، ويعتقد كثيرون أنه أُعدم بدم بارد. الناجون من أعضاء بوكو حرام هربوا شمالا إلى تشاد ومالي والنيجر، حيث تلقوا تدريبات عسكرية في معسكرات القاعدة في المغرب الإسلامي، وبحلول 2012، كانت بوكو حرام قد عادت إلى نيجيريا وهي تسعى للانتقام والجهاد الذي يتخطى حدود نيجيريا، بقيادة مساعده السابق شيكاو المعروف بتشدده وتطرفه. وبقيادة شيكاو صعدت المنظمة حملتها وزادت تسليحها عن طريق ليبيا. وارتكبت الجماعة عدة مذابح ضد الطلاب، وأجبرت مئات المدارس على الإغلاق في المنطقة. المدرسة التي حدث فيها الاختطاف مؤخرا في شيبوك كانت قد فتحت أبوابها للتو من أجل الاختبارات.

خلال العامين الماضيين أطلقت الجماعة مبادرة سلمية ودربت بعض السكان المحليين على أساليب الوساطة وعلى رعاية اللاجئين الذين لا يحصلون على رعاية كافية من السلطات النيجيرية. ومع أن الهدوء يسود في بعض المناطق، إلا أن الخوف يبقى بأن بوكو حرام تحاول التحريض على القتال بين المسيحيين والمسلمين، وقد أدت بعض الاشتباكات في نيجيريا بين هؤلاء خلال العقود الماضية إلى سقوط آلاف القتلى. وهنا تبدو ذكرى مذابح رواندا بارزة للعيان.

هذا السيناريو هو الذي جعل خبراء أمريكيين وبريطانيين يأتون إلى العاصمة أبوجا منذ أيام لمساعدة الحكومة النيجيرية، التي كانت تتردد في السابق في قبول المساعدات العسكرية من الغرب.

المدارس في منطقة شمال نيجيريا لا تزال تعيش في خوف من أن تتلقى الزيارة التالية من بوكو حرام، وكذلك تعيش باقي المناطق في نيجيريا.