محمد أحمد بابا

مولود في البيت وشهر أكتوبر

الاحد - 02 أكتوبر 2016

Sun - 02 Oct 2016

ربط الحاضر بالأعراف المعتادة أمر رجع له الكثير من الحائرين في حل مشكلات على الصعيد الاجتماعي والطبي، فلقد كان في أغلب النساء يلدن في منازلهن على أيدي القابلات أو ما يسمى (الدايات) دون عناء أو خطورة.



بل إن بعض العائلات تفضل هذا النوع من محافل استقبال المواليد لما يحمله من الخصوصية دون اللجوء للمستشفيات الفاخرة وأكشاك الولادة ذات التجهيزات الطبية الحديثة.



وليس الكلام هنا عن عدم رضا لما يقدمه الطب من عناية بالمرأة في هذه الحالة الحرجة أبدا، بل هو تلك النظرة الغريبة التي بات يقتنع بها الكثير من الأزواج والزوجات أن لا إمكانية أبدا لكي يطمئن القلب على خروج ذلك الطفل إلا بدفع التكاليف العالية للمستشفيات الخاصة حسب تصنيف ضيافتها.



أو سيكون المصير هو اللجوء لمشرحة بعض المستشفيات الحكومية التي بدت تتعامل مع المرأة الحامل وكأنها مجرمة حرب، تتعرض لكثير من النهر والجر واللكم وسوء المعاملة ونظرة الاحتقار والتأفف (والقرف) كأن أيا من الممرضات أو الطبيبات أو القابلات لم ولن تتعرض لما تعرضت له هذه المسكينة، ولدى النساء قصص وحكايات مؤلمة عن ذلك تجعلك أرحم بهن من قلب أم مكسور.



فيا لهفي أن تكون لنا القدرة على تنمية الحس المهني والمعرفي لدى فتياتنا لتوعيتهن بهذا الجانب المهم من الاحتياجات الشخصية للمرأة، فكم من مولود ولد على يدي جدته أو عمته أو خالته أو أخته أو جارتهم أو صديقتهم بمهنية عالية وتجربة فريدة، فلو كان في استطاعتنا عقد دورات وورش عمل تطبيقية لأمهات المستقبل لهذا الغرض لوجدنا أن الإسعافات الأولية التي نسعى لها في جوانب أخرى من التوقعات المرضية هي في هذا المجال أحوج. ولست خياليا إن رغبت في أن يكون للأزواج دور في هذه المهمة بتدريب احتياطي يكونون فيه على استعداد معرفي في حالات الطوارئ فهم أقرب الناس لزوجاتهم وهن أولى برعايتهم.



وأعتقد أن خدمات الأحياء لا تختلف عن خدمات الموتى، إذ يمثلان طرفي بداية ونهاية، فكما نعتني بموتانا ونكرمهم بسرعة تجهيزهم في صورة تحفظ كرامة الآدمي ميتا، فإن من واجبنا استقبال هذا الضيف بالطريقة التي تضمن له خروجا ميمونا يحفظ كرامة وجوده ويعترف بحق أمه في الاهتمام والرعاية نظير آلامها وصبرها في أشهر الحمل لتضع لنا مولودا قد يحمل هم الأمة يوما.



ثم إن الخدمة المنزلية في هذه الناحية من خلال دراسات أجريت في دول أخرى تساعد بشكل مباشر على استقرار نفسي وعاطفي للمرأة الحامل مما ينعكس على الجنين براحة يستمدها من أمه، الأمر الذي يجعل عملية الولادة سهلة وطبيعية يفرح الجميع بتمامها دون الحاجة للوقوف والمشي والركوب في السيارة والنزول منها والصعود في مصاعد المستشفيات - إن وجدت - وانتظار الدور ونحو ذلك من التكهنات التي تتعب الإنسان تفكيرا في انتظار الفرج.



فماذا لو انبرى الراغبون في الاستثمار والاقتصاديات الطبية للتفكير في مثل هذه المشاريع، اعترافا بأحقية المرأة في الرعاية التي تأتيها وليست الرعاية التي تذهب هي إليها وقد تجدها وقد لا تتوفر لها لأي سبب من الأسباب.



وماذا لو عمدت الجمعيات الخيرية والتطوعية لأن توفر مثل هذه المشاريع تثبيتا لمبدأ احترام الإنسان لكونه إنسانا بغض النظر عن أية اعتبارات أخرى، وتكريسا لمفهوم راق يعتبر الأم أساس الحياة.



من أمنيات الجميع أن يكون جل التقدير والتبجيل للمرأة الحامل منذ أيام الحمل الأولى وحتى ولادة طبيعية بيتية راقية، فيها الكثير من الاحتياطات الطبية والمفاهيم النفسية والأخلاقية بعيدا عن هم المستشفيات المضني والمزعج في كثير من الأحيان.



أتذكر خبرا ورد في جريدة الشرق الأوسط ليوم 2008 م مفاده (أن السعودية /7/ الخميس 24 تطلق أول مشروع لتوليد النساء في المنازل بداية أكتوبر المقبل)، وها هو أكتوبر الثامن بعد هذا

الخبر، ولا أدري ماذا حصل في هكذا مشروع.



[email protected]