مفلح زابن القحطاني

بين سطور القرارات

الأحد - 02 أكتوبر 2016

Sun - 02 Oct 2016

كل إنسان بطبيعة النفس البشرية حريص على مصلحته الخاصة، وفي مقدمة مصالحه الجانب المادي الذي يعد عصب الحياة، وهو أمر طبيعي وجيد، ولكن يجب ألا يكون متعارضًا مع المصلحة العامة، وألا يسخّر الإنسان كل جهوده وأفكاره لنفسه فقط، فالوطن يستحق الكثير، وإنسان هذا الوطن أيضًا يستحق، بالإضافة إلى ضرورة أن يكون الإنسان منطقيًّا مع نفسه، وأن يوازن بين ما يقدمه من جهد وعمل وعطاء وإنتاج وما يقدم له من رواتب ومميزات.



والأوامر الملكية الأخيرة والقرارات التي صدرت عن مجلس الوزراء بما تضمنته من خفض للتكاليف وإلغاء وتعديل وإيقاف للعديد من البدلات والميزات المالية لأصحاب كثير من الوظائف والمهن في القطاع الحكومي طالت أغلب موظفي هذا القطاع جاءت لتؤكد لنا أن مصلحة الوطن والمصلحة العامة مقدمة على المصلحة الشخصية، وأن بقاء هذا الوطن عزيزًا وكريمًا وبقاء اقتصاده قويًّا من الأولويات التي يجب أن نعمل عليها على مستوى الأفراد والمؤسسات.



وبكل صدق .. بدأنا نشعر بقدر كبير من الطمأنينة تجاه العمل الاقتصادي المؤسسي في المملكة، ولو كان ذلك على حساب المصلحة الخاصة، ولو خسر كل منا من مرتبه قدرًا جيدًا كان يمكنه الاستفادة منه في قضاء جانب من شؤون حياته؛ فهذا العمل الاقتصادي المدروس والمنظم من شأنه أن يصنع اقتصادًا قويًّا.



ومصدر هذا الاطمئنان أننا وجدنا أنفسنا ووطننا إزاء سياسة اقتصادية جديدة تنطلق من أهداف واضحة ورؤية لعمل مؤسسي ومحوكم، تحارب التضخم وتمقت الهدر وتضع الأولويات وتحدد الأهم فالمهم، وتعمل على صناعة بدائل اقتصادية لموردنا الوحيد أو الذي يكاد يكون وحيدًا (النفط)، وأننا مقبلون على مرحلة تحتفي بالإنسان المنتج والنشيط والمخلص عبر مقاييس ومحكات واضحة وجادة، وتضع حدًّا لمساواته بالخامل المتهاون الذي لا يقدم لمؤسسته التي يعمل بها ولا لوطنه شيئًا يذكر، ويُمضي حياته الوظيفية في الالتفاف والتحايل وعدم الجدية.



والخبر الذي نشرته صحيفة «عكاظ» السبت الماضي حول إسقاط لائحة تقويم الأداء الوظيفي الجديدة الحصانة عن موظفي الجهات الحكومية غير المنتجين ضد الفصل من العمل أمر جميل، ومن شأنه أن يسهم في رفع مستوى أداء الموظفين؛ حيث أقرت اللائحة فصل الموظف الذي يحصل على تقدير «غير مرض» بشرط إمهاله ثلاثة أعوام ليتمكن من تحسين أدائه مع حرمانه من العلاوة السنوية في كل عام، وبموجب اللائحة يقدم كل جهاز حكومي تقييمًا إجباريًّا للموظف يحدد بموجبه حصوله أو عدم حصوله على العلاوة خلال الأعوام القادمة، وتفرض حصول موظفين من كل 20 موظفاً على تقدير (ممتاز)، وتمتعهما بعلاوة تتراوح ما بين 5-6 %، فيما يحرم موظفان من كل 20 موظفًا من العلاوة بعد حصولهما على تقييم (غير مرضٍ).



وبحسب اللائحة، فإن الجهات الحكومية ملزمة بتصنيف الموظفين وتوزيعهم بشكل إجباري على خمس فئات مختلفة لتحديد الموظفين المتميزين أو منخفضي الأداء وفقًا لدليل إرشادي.



هذا الإجراء وما يوازيه من الإجراءات الجادة كفيلة بإذن الله بأن تضع حدًّا لتكاسل شريحة كبيرة من موظفي القطاع العام على اختلاف المستويات الوظيفية لهؤلاء الموظفين، ويكون الاحتفاء بالمميزين فقط، وتنتهي ظاهرة حصول جميع موظفي الجهة الحكومية على تقدير «ممتاز».



[email protected]