رؤية الملك عبدالله للتعليم ابتكار وانفتاح ثقافي

 

 

الأحد - 25 يناير 2015

Sun - 25 Jan 2015



حظي قطاع التعليم بصفة عامة والتعليم العالي بصفة خاصة باهتمام خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز-رحمه الله-، قبل توليه الحكم وبعد، حيث سعى إلى تطور الجامعات ومرافقها والبحث العلمي والتقني في كل المناطق والمحافظات.

دولة عصرية

ونظرا لإيمانه بأن تصبح المملكة دولة عصرية حديثة، بحكم المتغيرات السريعة التي يشهدها العالم، توجه الملك عبدالله إلى التفكير في التأقلم مع الوضع بما يفيد المصالح الاستراتيجية، ورأى أن تواكب المملكة العصر ويتم إنشاء دولة عصرية حديثة، تشمل إصلاحات من شأنها أن تقلل فرص الخسائر، وكان أبرز الإصلاحات التي لفتت اهتمام الملك عبدالله القطاع التعليمي، كونه يرى أن العلم لا يقدر بثمن.

وكان التعليم هاجسا للملك عبدالله، وحرص أن يتم تطويره بشكل تدريجي قبل مبايعته ملكا للبلاد وبعد، حيث كان أبرز دليل على ذلك تقديمه وثيقة لمجلس التعاون في اللقاء التشاوري الرابع لقادة المجلس حين كان يتولى منصب ولي العهد آنذاك في 2002.

وتضمنت الوثيقة آراء مهمة لتطوير التعليم في دول مجلس التعاون عبر 5 محاور رئيسة، شملت بناء القاعدة العلمية والتقنية وتقليص التخصصات النظرية وتطوير المناهج التعليمية والتدريبية وتكثيف التنسيق بين المؤسسات التعليمية في دول مجلس التعاون والاهتمام بقضايا العمل التربوي المشترك.

زيادة الجامعات

بعد عام من توليه مقاليد الحكم -رحمه الله- أمر بتأسيس جامعات في كل من تبوك والباحة وجازان، كما أعلن عن تأسيس 3 كليات.

ووضع حجر الأساس بجامعة حائل، وكان قبلها أمر في ذي الحجة 1423، بتحويل فروع جامعات الملك سعود في القصيم، والملك عبدالعزيز في المدينة المنورة، وجامعة أم القرى في الطائف إلى جامعات تنضم إلى الجامعات السعودية كجامعات مستقلة.

لتكون أولى خطواته المبشرة بالخير على الطلاب في مناطق ومحافظات عدة تمكنهم من الالتحاق بالتعليم الجامعي دون الاضطرار إلى التوجه للمدن الكبرى، وذلك إيمانا منه أن توفر الجامعات في المدن الكبرى قد يخلف ضغطا كبيرا وعرقلة في تطور المسيرة العلمية في البلاد.

كما وجه بتشييد مدن ومرافق جامعية في 7 محافظات وهي الخرج، المجمعة، شقراء، الأفلاج، الزلفي، حريملاء، والمزاحمية، بتكلفة 4 مليارات ريال، وذلك بهدف توطين التعليم في جميع المحافظات لئلا يكون حكرا على المدن الكبرى.

التوسع في القبول

ولم تكن خطوات الملك عبدالله حديثة بعد توليه الحكم، فقد عرفت في 1998، توجيها شخصيا منه بافتتاح كلية الطب والعلوم الطبية بمقر المدينة الجامعية في العابدية بجامعة أم القرى، وفي نفس العام أمر أيضا بافتتاح كلية للتربية للبنات في محافظة بلقرن.

كما وجه أيضا في 1421 بزيادة عدد المقبولين في كلية الطب 50% تقديرا لمجهودات الطلاب والطالبات الحاصلين على تقدير ممتاز، وبعد القرار السابق أمر في 1424 بإنشاء كلية الطب، إضافة إلى كلية التمريض ضمن منظومة الشؤون الصحية بالحرس الوطني، حيث وجه بضمها إلى الشؤون الأكاديمية والتدريب والتطوير بالشؤون الصحية تحت مظلة واحدة بمسمى أكاديمية الملك عبدالعزيز للعلوم الصحية لتصبح مركزا أكاديميا متكاملا، حيث حرص على توسيع وخلق المجالات التي من شأنها أن تنمي الكفاءات الشابة في البلاد.

تعليم المرأة

كان للملك الراحل رؤية في فتح المجال بشكل واسع أمام المرأة لتنال الحظ الأوفر في التعليم، حيث وجه بإنشاء جامعة للبنات ترتبط بها جميع كليات البنات في مدينة الرياض، ورشح الدكتورة نورة المبارك مديرة لجامعة البنات، أصبحت الجامعة تضم 23 كلية من 6 بمدينة الرياض و17 كلية في المحافظات التابعة لها.

جامعة الملك عبدالله

أتت فكرة إنشاء جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية، نظرا لاهتمامه بالجانب العلمي والإبداع والابتكار والحرص على الارتقاء بالبحث العلمي المتميز والعلماء السعوديين، حيث كان هدفه من بناء الجامعة تحويل الاقتصاد الوطني إلى اقتصاد مبني على العلم والمعرفة.

ودليل على ذلك مقولته: أتطلع إلى مخترعين وصناعيين مسلمين وتقنية مسلمة متقدمة وإلى شباب مسلم يعمل لدنياه كما يعمل لآخرته، دون تفريط أو إفراط.

وقال الملك عبدالله عن فكرة تأسيس جامعة علمية وتقنية: هذه الجامعة ولله الحمد أنا أفكر فيها منذ خمس وعشرين عاما ونحمد الله أن أعاننا على تحقيقها وأنتم إن شاء الله تكونون بذرة خير فيها وكذلك ستكون مفتوحة بإذن الله لإخوانكم العلماء المخترعين من العالم العربي الإسلامي.

التعليم الخارجي

اهتمام الملك عبدالله لم يكن منحصرا على أبنائه داخل أرض الوطن بل شمل المغتربين منهم خارج المملكة، ليوافق في جمادى الآخرة 1420 على افتتاح مدرسة سعودية في روما تضم 9 فصول دراسية، تحت إشراف السفارة السعودية، ووافق أيضا على افتتاح فصول دراسية في بكين تشمل عدة مراحل دراسية، وإضافة إلى ذلك 7 أكاديميات ومدرسة سعودية موزعة على 4 قارات.

التعليم العالي

نظرا لحرص الملك عبدالله وإدراكه أن الاستثمار في العنصر الوطني المؤهل هو الاستثمار الحقيقي للتنمية، لذلك عمل على تسريع عجلة النماء والتطور في مجال التعليم بشكل عام والتعليم العالي بشكل خاص.

ولم يبخل على القطاع الجامعي من حيث التكاليف، حيث أمر بإنشاء جامعة في حائل خصص لها تكلفة لا تقل عن 645 مليون ريال.

وشهد عهده -رحمه الله- انتشارا واسعا للجامعات والكليات في كافة مناطق المملكة وأصبح عدد كليات البنات 102 كلية منتشرة في 34 جامعة، إضافة إلى 18 كلية للمعلمين، و24 كلية تقنية.

وبعد مرور عام على تولي الملك عبدالله الحكم، وبعد أن شهدت المملكة افتتاح عدد من الجامعات والكليات في مختلف مناطق ومحافظات المملكة، شهد أيضا التوسع في القبول وافتتاح تخصصات تلبي مخرجات التعليم، وتجاوز حجم الإنفاق على القطاع التعليمي في المملكة في عهده التريليونات.

وأكدت دراسات أن المملكة سجلت معدل 16.98 بليون ريال في الإنفاق الحكومي على التعليم العالي خلال 1428، وذلك بمعدل 35% سنويا منذ تولي الملك عبدالله -رحمه الله - الحكم، ووفق دراسة صادرة من وزارة التعليم العالي.

وسجلت المملكة نسبة مرتفعة عالميا فيما يتعلق بالإنفاق الحكومي على الطالب في التعليم العالي، كنسبة من نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، إذ بلغت 64.9% في حين كان المتوسط العالمي 30%، وأن نمو الإنفاق الحكومي على القطاع ارتفع إلى 46.9 بليونا في 1432.

وللتزايد الملحوظ في عدد الخريجين، وتوافد أعداد مضاعفة من طالبي العلم، عملت حكومة الملك عبدالله على تأسيس جامعات جديدة لاستيعاب الأعداد، ونتج عن ذلك أيضا تفوق نسبة القبول الجامعي الذي تعدى 170%، إضافة إلى برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي.

موهبة

بفضل الفكر النير الذي تميز به الملك عبدالله - رحمه الله - ومواكبته لكل التغيرات والتطورات التي يشهدها العالم، لم يغفل أن يبتكر مؤسسة تعنى بالإبداع، وكانت «موهبة» خير مثال لرؤيته الثاقبة، حيث استطاعت مؤسسة الملك عبدالعزيز ورجاله للموهبة والإبداع منذ إنشائها في 1419، أن تقدم نماذج علمية مختلفة من أبناء وبنات الوطن فاخرت بهم البلاد في المحافل الدولية، حيث عملت هذه المؤسسة على تحويل أفكار الموهوبين إلى حقيقة إبداعية ملموسة.

وبلغ عدد المدارس المشاركة في مبادرة موهبة 43 مدرسة في 1432، قدمت منحا دراسية لـ1149 طالبا وطالبة من فئة الموهوبين على أن يتم تطويرها إلى 60 مدرسة.

كما أن موهبة تطورت للاستفادة من الخبرات الدولية، حيث سعت إلى تطوير برامجها الصيفية المحلية من خلال الاستفادة من مركز الشباب الموهوب بجامعة «جونز هوبكنز الأمريكية».

الابتعاث الخارجي

وصل عدد الطلبة الذين تم ابتعاثهم من قبل برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي، إلى 150 ألف مبتعث ومبتعثة جميعها كفاءات تم ابتعاثها لتعود إلى أرض الوطن بمهارات علمية، وأحدث البرنامج نقلة نوعية، حيث أتى برنامج تزامنا مع النهضة التعليمية التي تشهدها المملكة برؤية الملك عبدالله، وبناء على موافق تبين الدعم الكامل لطموحات الطلاب السعوديين، انفتاحه على فكرة اكتساب ثقافات متعددة لانفتاح الفكر الشاب في المملكة من أجل التطوير.

وشمل برنامج الابتعاث الخارجي جميع المراحل الجامعية ابتداء من البكالوريوس إلى الدكتوراه، وكما ركز على التخصصات العلمية التي يحتاجها سوق العمل.

ولم يكن برنامج الابتعاث الخارجي عقبة أمام التطور الجامعي في المملكة، حيث إن البرنامج حظي بنجاح وإقبال كبير من الطلاب ومدى التقدم العلمي الذي نتج عنه، كما أن حكومة المملكة عملت على ازدياد الجامعات والمعاهد داخليا والتركيز على التخصصات التي تلبي سوق العمل.