محمد عبدالكريم المطيري

التحفيز.. الذي لا ندركه

الخميس - 29 سبتمبر 2016

Thu - 29 Sep 2016

يغلب على الظن، بل يكاد يصل لليقين، أن المحفز المادي هو الأكثر تأثيرا ومقدرة على رفع إنتاجية الموظفين، بل واكتساب ولائهم. هذه الفكرة تفترض أن أهم ما يبحث عنه الموظف هو المال، وهو ما يجعله سعيدا راضيا عن رب العمل وعن بيئته، وذا ولاء عال، وهو تعميم ليس على إطلاقه.



هذا المقال يهدف إلى استعراض بعض نظريات التحفيز.. التحفيز الذي لا ندركه! فنظريات التحفيز لا تقلل من أهمية المحفز المادي إطلاقا، ولكنها تبحث عن دوافع ورغبات وتطلعات الموظفين والتي تسهم إسهاما إيجابيا في رفع إنتاجيتهم في حال تحققها، وتكون ذا أثر سلبي على الأداء الوظيفي في حال لم تحقق. معظم نظريات التحفيز الأساسية صنفت لمجموعتين رئيسيتين هما المحتوى (Content) والعمليات (Process)، أو بالأحرى العامل الداخلي والعوامل الخارجية المحيطة بالعمل.



فالتحفيز والمحفز لدى نظريات المحتوى هو عبارة عن دوافع ذاتية لدى الفرد والتي تتكون من احتياجات ورغبات وقيم تدفع به لبذل جهد إضافي لتحقيق المهام المطلوبة منه. فهي تهدف إلى تحديد الحاجات الأكثر أهمية للفرد وتعتقد بأن إشباعها يعد هو الدافع والحافز لتحسن الأداء الوظيفي والعكس صحيح.



تحتوي هذه المجموعة العديد من النظريات الكبرى للتحفيز من مثل: هرم الحاجات الإنسانية لماسلو، ونظرية العوامل لهايزنبرغ. فعلى سبيل المثال هايزنبرغ في نظريته يجادل بأن توفر العوامل الذاتية في بيئة العمل يخلق رضا وظيفيا عاليا، وهو بدوره يولد الدافع لدى الفرد لمزيد من العطاء الإيجابي في العمل. هذه العوامل تتضمن التقدير، الحاجة إلى الإنجاز والتقدم الوظيفي، فمتى ما منحت بيئة العمل الفرد المنتج التقدير الذي يستحقه وأشبعت له الحاجة للإنجاز بتوكيله بمهام تتناسب مع مؤهلاته وخبراته ومهارته، مع ضمانة أن جهده سيصل به لمرتبة أو منصب أعلى متى ما وجد الفرد داخل ذاته الدافع الذي يزيد من إنتاجيته ويحسن من أدائه.



على الجانب الآخر تهتم المجموعة الأخرى من النظريات بالعمليات التي يقوم بها رب العمل أو التي تتوفر في بيئة العمل والتي تهدف لإشباع هذه الرغبات. من أهم هذه النظريات هي نظرية العدالة الوظيفية. مستوى الأداء ومستوى التحفيز يعتمد بدرجة كبيرة على نظرة الموظفين وانطباعهم عن الممارسات الإدارية في بيئة عملهم ومدى إنصافها وعدلها. هل يحصل الموظف على النتائج التي يطمح لها سواء كانت ترقية، علاوة، تكريما، تقديرا والتي في ظنه أنه استحقها بسبب المساهمات والواجبات والمهام التي أداها أم لا؟ هي ببساطة مقارنة بين أدائك والنتائج التي تتحصل عليها كمكافأة لك على مجهوداتك. هل جميع الإجراءات التي تهتم بتوضيح الأهداف والمهام المنوطة بالموظفين تتم بطريقة منصفة وواضحة ودقيقة أم لا؟ هل طبيعة التعامل بين الرئيس ومرؤسه خالية من أي نوع من استغلال السلطة؟ هل يتم توجيه الموظفين ومتابعتهم والحرص على تدريبهم وتحسين أدائهم؟ كل هذه الأسئلة يجب أن تطرق أذهان المديرين، بل والموظفين في مراجعة دقيقة لبيئة العمل ومدى ملاءمتها لإشباع طموحات ورغبات واحتياجات وقيم الموظف.



ذهبت بعض النظريات إلى أبعد من ذلك ودرست توقعات وتطلعات كل جيل من الموظفين على حدة، فما يتوقعه من هو على وشك التقاعد يختلف تمام الاختلاف عن تطلعات الشاب الذي لم يمض سوى بضع سنين في العمل، كما أن صاحب الخبرة يختلف عن الموظف حديث التخرج. فحصر التحفيز وتحسين الأداء والرضا الوظيفي في المحفز المادي إجحاف واختزال. إن كنت رب عمل تبحث عن أداء أفضل، فالموظفون على اختلاف أعمارهم وخبراتهم وشخصياتهم يبحثون كذلك عن فهم أفضل ووعي أعمق.