حنان المرحبي

لا أكتب حبا في الكتابة.. ولكن هكذا وجدت خياراتي..

الأحد - 25 سبتمبر 2016

Sun - 25 Sep 2016

من يصنع الآخر؟ هل البيئة تصنعنا وتصنع خياراتنا؟ أم نحن من يعيد صناعتها ويعيد تحديد خياراتها المتاحة لنا؟



يبدو أننا نخوض حروبا هادئة مع محيطنا اللامتناهي العناصر والقوى والمتغيرات. ولعلنا كأفراد مستقلين نشكل هيكل ذلك المحيط، وما نفعله في الواقع هو التكتل أمام فرصه وثماره والتنافس عليها.



سيظل هناك صراع مستمر بين نداءات الحرية الصادرة من أعماقنا وبين القيود التي تفرضها محدودية إمكانياتنا والقوى التي تنافسنا وتنعطف بنا نحو التحديات.



هناك نقاط على مر الزمن، تتطلب من كل واحد منا الوقوف عندها والتأمل. نحن بحاجة إلى التأمل، لأننا بحاجة إلى إجراء تحديث دوري لمستوى فهمنا لما يجري من حولنا، ولمتابعة مدى تقدم خطواتنا، وللتأكد من أن أدواتنا العتيقة لا تزال ملائمة للاستمرار في رحلتنا.



والبديل لوقفات التأمل، هو الغرق في الصراع إلى أن تصل إما للفوز المفلس أو الإفلاس الناجح الذي يوقف الهدر.



لكل واحد منا مسار فريد، وسنحاول اختيار المنعطفات (الخيارات) التي نعتقد أنها ستأخذنا سريعا إلى النهاية المثلى، حيث الحرية والسلطة، حيث النجاح اللامحدود، والفرص المتناثرة في كل صوب، والتي لم يصلها أحد من قبل. نحن نطمح بالوصول إلى مراكز القيادة التي تمكننا من إعادة صياغة قوانين الحياة لتمنحنا المساحة التي نستحقها فنمارس ما نحب على أعلى المستويات.



وخلال رحلتنا باتجاه القمة، سنحاول تجنب الطرق التي سيعترضنا فيها القادة السابقون، وذلك بجعل خياراتنا تختلف قليلا عنهم، للتقليل من تأثير الصدام معهم. وأيضا سنحاول المرور من أقصر الطرق وأسرعها للحفاظ على مواردنا المحدودة كي لا تنفد في منتصف الطريق. بالتالي سندعم خياراتنا بقليل من التغييرات (في سماتنا وإمكانياتنا) كي تصبح أكثر كفاءة وفاعلية (أقل استهلاكا للموارد وأعلى أداء).



إذن خلال الرحلة، سنضطر إلى تعديل ما نحب. في الواقع، دائما سنضطر إلى ذلك إذا ما وضعنا القيادة هدفا. لن نمارس ما نحب كما نحب، ولكن كما يجب أن يكون بحسبما تفرضه الظروف المحيطة والمنافسة حتى نصل إلى النقاط التي عندها نملك القوة، حينها فقط سنستطيع التأثير على الخيارات المتاحة في محيطنا، فنمارس ما نحب كما نحب.



تلك الرحلة شاقة، وستتطلب مخزونا عظيما من الصبر، وقدرات هائلة على ضبط المشاعر، وكذلك قدرات تفكير غير مسبوقة وثاقبة، ذلك لأن الموارد محدودة، وتوزيعها أو تخصيصها على منعطفات خاطئة سينهي الرحلة مبكرا. وبالتأكيد لا أحد منا يرجو التوقف في منتصف الطريق، حينها لن يملك سوى أن يقص على أحفاده قصة عظيمة ولكن بنهاية غير مشوقة.



ولكن مهلا، إن كنت من أولئك الذين يملكون السعادة إذا ملكوا اللحظة مع ذواتهم، فهؤلاء سيكتفون بممارسة خياراتهم المحببة في حدودهم الضيقة ومستوياتهم المحدودة، فهنيئا لك تجنب الشقاء، فلا تشغل بالك بما يجري من حولك، ولا تعلق ولا تنزعج، مارس ما تحب بسكون وهدوء، واسعد مع ذاتك.



[email protected]