الخدمات الصحية بين (الحجم) و(القيمة)

السبت - 24 سبتمبر 2016

Sat - 24 Sep 2016

استخدام كلمة (volume) له مدلولاته في الخدمات الصحية، وهي تدل على (حجم) الخدمات الصحية المقدمة. فنقول مثلا: حجم الخدمات الصحية المقدمة في هذا العام في ازدياد (أو نقصان) مقارنة بالأعوام السابقة.

وهذا الحجم (في الخدمات الصحية) يتناسب طردا مع حجم (عدد) المستفيدين من الخدمات الصحية (والتي هي أيضا في ازدياد). وكما هو معروف، فإن الخدمات الصحية تعتمد في ميزانيتها (مصروفاتها) على الصورة النمطية والمعروفة بـ(دفع مبلغ - مقابل- الخدمة) (payments fee-for-service) والمبني على مبدأ الاحتياج.



بمعنى، أن المبالغ المدفوعة تتناسب طردا مع حجم الخدمات الصحية المقدمة في مختلف المنشآت الصحية، هناك زيادة في عدد المستفيدين من الخدمات الصحية يرافقها ارتفاع في حجم المبالغ المصروفة للوصول إلى ما يغطي حجم الخدمات المقدمة. وهذه النمطية في المدفوعات (والتي هي تقديرية) هي واقع مصروفات وزارة الصحة على خدماتها (والتي كما ذكرنا تعتمد على الاحتياج).



وللتقليل من حجم المصروفات (حسبما ذكر سابقا) فقد تم استحداث نمط جديد في التطبيق، وذلك للتقليل من حجم المصروفات دون الإخلال بجودة الأداء، هذا التطبيق يطلق عليه (الدفع - المبني على القيمة) (value-based payments)، حيث يكون الصرف مبنيا علي قيمة (value) الخدمة (مقابل الخدمة التي تم تقديمها)، بمعنى يكون الصرف معتمدا على قيمة الإنجاز بدلا من أن يكون مبنيا على مفهوم الحجم (التقديري) وهذه الصورة (أو المتبع) تبنى عليها مصروفات القطاع الصحي (الخاص).



إذن، ملخص ما سبق ذكره، هو أن الاعتماد على مفهوم (القيمة) بدلا من الاعتماد على مفهوم (الحجم) في الخدمات الصحية، سوف يساهم في التحكم بقيمة (النقد = الريال) مقابل الخدمات التي تم تنفيذها.



ولمزيد من الإيضاح، خلال عملي بواحد من مستشفيات وزارة الصحة الرئيسية (بمنطقتي)، كانت هناك مشكلة تواجه إدارة المستشفى وتتعلق بمكتب الدخول والتنويم بالمستشفى، والمشكلة هي (لا يوجد سرير)، معظم الأسرة (وخاصة بقسم تنويم الجراحة) مشغولة! لماذا؟ هناك أسباب عديدة وراء ذلك، منها ما هو متعلق بنظام الأسرة وغرف التنويم (بنمطية القرن الماضي) والتي لا تتناسب مع متطلبات الوقت الحاضر (وخاصة عندما يتعلق الأمر بتطبيق معايير الجودة وسلامة المرضى) إلى جانب عدم وجود سياسة خروج المرضى، تكون مكتوبة وتطبق من قبل الأطباء (الآن يوجد تطبيق بالمستشفيات يطلق عليه عملية اليوم الواحد). أيضا، هناك سبب آخر (لا يمكن تجاهله)، ألا وهو أن الطبيب الاستشاري (بقسم الجراحة) قد يقوم بعملية واحدة فقط في اليوم الواحد (وهناك أيام لا يمكن إجراء أي عملية جراحية وذلك لعدم وجود أسرة للتنويم)!!



باختصار.. إن التحكم في خطوات الانتقال من نظام (الحجم) إلى نظام (القيمة) ليس بالأمر الميسر والسهل، ويحتاج إلى العديد من العوامل لإنجاحه وتطبيقه بصورة فعالة (والإجابة على كثير من الأسئلة) التي يحتاج (إلى إجاباتها) الداعم الرئيسي في التطبيق (شركات التأمين) والتي لا تمتلك التقييم الواقعي (الحقيقي) للقيمة المقدرة في الخدمات الصحية المحلية أو ما يسمي بـ (Risk-Assessment Value) (والتي يمكن استبدالها بتعريف مؤشرات الأداء KPIs). وأخيرا، لا بد أن تدرك (القيادات الصحية) أنه لا يوجد طريق مختصر (shortcut) في الطريق المؤدي للنجاح، ولا بد أن تمشي كل الطريق (بتطبيق كل المعايير) وذلك للارتقاء بالخدمات الصحية بالصورة المطلوبة.