«استفت قلبك»
السبت - 24 سبتمبر 2016
Sat - 24 Sep 2016
يقول الشيخ محمد الغزالي في مقدمة كتابه «جدد حياتك» إن النبي محمد عليه أفضل الصلاة والسلام قال للذي جاء يسأله عن البر: «استفت قلبك». ويقول بأن هذا الجواب لم يقدمه النبي عليه السلام لمجرم يستبيح الدماء ويغتال الحقوق ويتسع ضميره للكبائر وإنما ساق هذا الجواب النبيل لرجل يتحرج من الإلمام بالصغيرة، رجل سليم الفطرة شفاف الجوهر عاشق للخير، أراد النبي الكريم أن يريحه من عناء التساؤل والاستفتاء، فرده إلى فؤاده يستلهمه الرشد كلما تشابهت أمامه الأمور ويستريح إلى إجابته وإن كثر عليه المفتون.
ويتحدث الغزالي عن الفطرة السليمة ووظيفتها في التعرف إلى الحق ويشير إلى أمر آخر هو أن كثرة البضاعة من نصوص السماء لا تغني فتيلا في نفع صاحبها، أو في نفع الناس بما عنده إذا كان مريض الفطرة. فما قيمة المنظار المقرب أو المكبر لدى امرئ فقد بصره؟!
يقول بأن آفة الأديان جاءت من أن أكثر رجالها لا يصلحون ابتداء لإدراك رسالتها، كما لا يصلح المصدور للكر والفر في ميدان القتال. وقد رأى رجالا حظوظهم من تراث النبيين قليلة، ومحفوظهم من توجيهات السماء لا يذكر، ومع ذلك فقد كان صفاء فطرتهم هاديا لا يضل في معرفة الله وما يجب له، وما يجب على الناس أن يصنعوه كي يحيوا على أرضه أبرارا أتقياء.
ويقول إن للدين صورة متسقة فيها الملامح والمشاعر والنسب والأضواء، وصاحب الفطرة السليمة وحده هو الذي تستقر في ذهنه صورة الدين على هذا النحو المبين. أما مع اضطراب البصيرة وفساد الذوق فإنك ستجد من يعرض عليك الدين مشوشا مشوها.
إن هذه الفوضى في فقه النصوص ليست إلا ضربا من تحريف الكلم عن مواضعه وهو المرض الذي أفسد الديانتين السابقتين اليهودية والنصرانية.
ألا نحتاج أن نفكر بأن ديننا ليس فقط هذه الشكليات التي أتعبتنا و«سطحت» تفكيرنا وحياتنا وأبعدتنا كثيرا عن متعة فهم الدين بعمق لا يجعلنا نغضب من الآخر لأنه خالفنا في فكرة أو تصرف أو حتى معتقد؟ ألا يحتاج علماء ديننا أن يكونوا أكثر هدوءا وحكمة ورحمة؟ لا تحتمل الأوضاع الآن أن نزيد الهوة بيننا وبين أي آخر يحمل اختلافا؟ التقبل والحلم والتواضع والحكم بتعقل هذا ما على أي عالم أن يفعله. أما التصرفات الهوجاء والإسراع إلى توجيه الاتهامات والصفع فلن تدل أبدا على أننا ندرك جوهر ديننا العظيم السمح الذي بني على مكارم الأخلاق وجميلها. والوصاية لا تكون بفرض الرأي وتوجيه الاتهام وإنما بالتفهم وحسن التصرف وحسن الظن وافتراض الخير قبل الشر.
نحتاج إلى أن نكون مثل ذلك الذي يستفتي قلبه الطاهر النقي إن كنا بعد أنقياء.
ويتحدث الغزالي عن الفطرة السليمة ووظيفتها في التعرف إلى الحق ويشير إلى أمر آخر هو أن كثرة البضاعة من نصوص السماء لا تغني فتيلا في نفع صاحبها، أو في نفع الناس بما عنده إذا كان مريض الفطرة. فما قيمة المنظار المقرب أو المكبر لدى امرئ فقد بصره؟!
يقول بأن آفة الأديان جاءت من أن أكثر رجالها لا يصلحون ابتداء لإدراك رسالتها، كما لا يصلح المصدور للكر والفر في ميدان القتال. وقد رأى رجالا حظوظهم من تراث النبيين قليلة، ومحفوظهم من توجيهات السماء لا يذكر، ومع ذلك فقد كان صفاء فطرتهم هاديا لا يضل في معرفة الله وما يجب له، وما يجب على الناس أن يصنعوه كي يحيوا على أرضه أبرارا أتقياء.
ويقول إن للدين صورة متسقة فيها الملامح والمشاعر والنسب والأضواء، وصاحب الفطرة السليمة وحده هو الذي تستقر في ذهنه صورة الدين على هذا النحو المبين. أما مع اضطراب البصيرة وفساد الذوق فإنك ستجد من يعرض عليك الدين مشوشا مشوها.
إن هذه الفوضى في فقه النصوص ليست إلا ضربا من تحريف الكلم عن مواضعه وهو المرض الذي أفسد الديانتين السابقتين اليهودية والنصرانية.
ألا نحتاج أن نفكر بأن ديننا ليس فقط هذه الشكليات التي أتعبتنا و«سطحت» تفكيرنا وحياتنا وأبعدتنا كثيرا عن متعة فهم الدين بعمق لا يجعلنا نغضب من الآخر لأنه خالفنا في فكرة أو تصرف أو حتى معتقد؟ ألا يحتاج علماء ديننا أن يكونوا أكثر هدوءا وحكمة ورحمة؟ لا تحتمل الأوضاع الآن أن نزيد الهوة بيننا وبين أي آخر يحمل اختلافا؟ التقبل والحلم والتواضع والحكم بتعقل هذا ما على أي عالم أن يفعله. أما التصرفات الهوجاء والإسراع إلى توجيه الاتهامات والصفع فلن تدل أبدا على أننا ندرك جوهر ديننا العظيم السمح الذي بني على مكارم الأخلاق وجميلها. والوصاية لا تكون بفرض الرأي وتوجيه الاتهام وإنما بالتفهم وحسن التصرف وحسن الظن وافتراض الخير قبل الشر.
نحتاج إلى أن نكون مثل ذلك الذي يستفتي قلبه الطاهر النقي إن كنا بعد أنقياء.