خالد عبدالرحيم المعينا

متى يتوقف سلسال الدم في سويسرا الشرق؟

الخميس - 22 سبتمبر 2016

Thu - 22 Sep 2016

عادت كشمير مرة أخرى للظهور في عناوين الأخبار التي تحدثت مؤخرا عن مقتل 50 كشميريا تظاهروا احتجاجا على أوضاعهم الصعبة والاعتقالات العشوائية التي طالت كثيرين منهم.



وعلى غير العادة، التزمت وسائل الإعلام الهندية، ذات الصوت العالي عادة، الصمت حيال ما يدور في كشمير وأعطت الفرصة للمجعرين بالأحاديث الممجوجة عن داعش، وطالبان وغيرهما من جماعات إرهابية وكأن الذي يحدث في كشمير، بالقرب منهم، لا يعني لهم شيئا.



وفي وسائل التواصل الاجتماعي، دعا بعض المغردين بكل وقاحة وبرودة دم إلى اغتيال المراهقين في كشمير الذين يحتجون على حالات الاغتصاب والقتل العشوائي، واختفاء بعض الأبناء من أسرهم، والاغتيالات العشوائية التي تتم تحت سمع وبصر اللجنة الهندية الوطنية لحقوق الإنسان.



ولا أظلم كل الإعلاميين الهنود فمنهم نماذج رائعة مثل برخا دوت التي أفردت مساحات واسعة للحديث عن مأساة كشمير في برنامجها على التلفزيون القومي، وكان شيئا مثلجا للصدر أن تسمع هذه السيدة وهي تتناول بذكاء وحكمة ما يدور في كشمير.



وكتب آخرون مثل الصحفي أونداتي روي عن الكشميريين الذين يودون العيش بكرامة وفي سلام بعيدا عن عناصر الجيش الهندي التي لا تتوانى عن اغتصاب الحرائر واعتقال الرجال، وبعيدا أيضا عن الأحداث التي تصحو فيها عائلة من النوم لتكتشف اختفاء أحد أفرادها في جنح الليل، كما حدث لشاب كشميري واعد في لعبة الكريكت الذي اغتاله الجيش الهندي في هنوارة.



وتتوالى في غضون ذلك قصص الرعب التي يرويها الكشميريون عن عمليات التعذيب التي يتعرضون لها مثل بلال دار الذي قال إن عناصر الجيش عذبوه وانتزعوا منه اعترافات باطلة تحت التعذيب أجبروه فيها على الوشاية الكاذبة عن بعض رفاقه.



وبتواطؤ الإعلام مع أجهزة الأمن والاستخبارات أصبح حجم القصص المفبركة في تزايد مستمر ووصل استخدام الغازات السامة والأسلحة الممنوعة لإرهاب الكشميريين وانتزاع الاعترافات الباطلة منهم مستويات رهيبة.



وتزيد الطبيعة التنوعية للسياسة الهندية الحالية النار اشتعالا وتؤجج الصراع في بلد كل همه أن يعيش في سلام ووئام.



وقضية كشمير ليست قضية دينية يتصارع فيها الهندوس والمسلمون لكنها مشكلة سيادة حدودية بين الهند وباكستان بدون اعتبار لموقف شعب كشمير نفسه، وقديما قال الزعيم الكشميري الشيخ عبدالله ليس من الضروري أن تكون منطقتنا إقليما تابعا للهند أو باكستان، ويؤمن الشعب الكشميري اليوم بهذه المقولة التي لخصت موقفه بدقة وأمانة.



وقال لي طبيب كشميري يعيش في لندن إن الوضع في بلاده المتنازعة بين الهند وباكستان يشبه القفز من المقلاة إلى النار!! وأضاف أن المنظمات والأحزاب الهندية يجب أن تدرك أن التواطؤ مع الإعلام لتأجيج الصراع لن يأتي إلا بنتائج كارثية.



وعبر الحدود فإن بعض الناس الذين يؤججون الصراع، مثل حافظ عبدالله الذي يدعي أنه يؤلب التمرد، يجب اعتقالهم وإسكاتهم على الفور كما أنه يجب إسكات السياسيين الباكستانيين المتاجرين بالقضية الكشميرية لكسب أصوات الناخبين والوصول إلى السلطة.



إن الهند وباكستان كلاهما يعاني من أزمات اقتصادية طاحنة، وعلى الهند، بدلا من قمع الشعب الكشميري، أن تركز على مدنها الصناعية الذكية التي تعج بالنفايات الذرية وأن توقف حالات الانتحار المتزايدة وسط المزارعين بسبب القحط وقلة المحاصيل وأن تحترم الحياة الإنسانية لأنها أغلى من كل المكاسب المادية. وتوجد نفس المشاكل وأكثر عبر الحدود في باكستان حيث يكثر الفساد، والتفجيرات، وعمليات الاختطاف وغيرها من مآس بشرية. وينتشر القناصة الباكستانيون في كشمير يقتلون على الهوية ويأخذون البلد كلها رهينة.



وعلى الهند وباكستان أن تحلا مشاكلهما الداخلية المتفاقمة بدلا من الحرب على كشمير التي لا يثق شعبها في أي منهما. إن رغبة شعب كشمير في العيش بسلام وكرامة بعيدا عن تدخلات الهند وباكستان هي رغبة عادلة ومشروعة فهم لا يتحدثون عن الانفصال بل عن رغبتهم في وقف القهر والقتل، وهم يريدون المساواة الاقتصادية حيث تبلغ نسبة البطالة بينهم أكثر من 40%.



وتوصف كشمير بأنها «سويسرا الشرق» لجمالها الخلاب وطبيعتها الساحرة ويريد شعبها أن تبقى كما هي دائما جميلة وآسرة. إنهم يريدون التمتع بالحرية وأن يصحوا صباحا ليستنشقوا الهواء اللطيف المضمخ بعطر الزهور والرياحين بدلا من الصحو على أصوات أحذية الجنود وزخات الرصاص.. فهل هذا كثير عليهم؟



[email protected]