أواجه صعوبة في الكشف عن ذكرياتي السيئة، إلا أنه يبدو مهما التوقف عن مواجهة عفوية حياتي بهذه الحدة، في الواقع كنت خائفا عندما وجدت نفسي للمرة الأولى محاطا بكم هائل من الناس، وليس بينهم واحد يخفف عني وحشة هذا الزحام.
أتذكر الآن كم وجدت المدرسة مفهوما يصعب التكيف معه، أو البهجة به، رغم ذلك تماسكت حتى اللحظة التي تجاوز فيها الملاصق بكتفي الأيمن هذا الصمت فيّ وبكى من عيني وعينه، وشعرت بالخجل مني ومنه.
من الجيد حينها أن أحدا لم يلتقط لي صورة، لكن اللحظة بقيت محافظة على حيويتها فيّ، حتى حان موعد مشاركة العالم هذا السر.
اليوم أتذكر ذلك وأبتسم، أعرف حجم المعاناة في حال عاملتني الظروف بدلال زائف وتوقفت حينها عن الدراسة، كنت سأخسر كل ما أجزم أنني اكتسبته، بداية من طاولة تخصني، وكرسي لم يتغير قياسه طوال سنوات دراستي، وطريق واصلت نقش ذاكرتي في خطواته على مدى ١٢ سنة، وحقيبة استبدلتها لاحقا بسجادة صلاة، وكأن كتبي دعوات ودفاتري آمين.
الأصدقاء الذين صاروا آباء ويأخذون أطفالهم إلى مدرستي القديمة يجففون دموعي ويصنعون لي في كل مرة ضحكة الشغف والمغامرة ولذة مواصلة التعلم.