لنتفاعل مع التقنية بعقلانية تقنية

وأنا أتصفح صحيفة «مكة» الورقية، العدد الصادر في 1 جمادى الآخرة 1435 - 1 أبريل 2014، لفت نظري المقال المعنون بـ»معاً ضد التقنية!» لعبدالحليم البراك.

جاء في مقاله «هذه التقنية كلما تطورت ستقتلنا جسدياً وليس فقط عقلياً، ولذلك لنقف ضد التقنية».

وقوله «كحقيقة ولستُ ساخراً .. فإن مجموعة من علماء التشريح في بريطانيا: تخيلوا شكل الإنسان بعد ألف عام، وبناء على أسس علمية، ليصبح الإنسان أطول وبرأس أصغر، وعينين جاحظتين وأكبر، وبيدين قبيحتين وأطول، وأقل في عدد الأسنان.. وعزوا ذلك للاستخدام المفرط للتقنية والاعتماد عليها!».

1- إن موقف الكاتب المحترم مبني على «تخيل» يصعب علي وصفه بالعلمي؛ لوفاة نظرية «التطور» إلى الأبد. مع كامل الاحترام والتقدير لكل الاجتهادات الفكرية.

2- إن الوقوف «ضد التقنية» اليوم كالوقوف ضد السيل الجارف، فمن يقف أمامه جرفه ويلقى حتفه، ويرمى به في المتاهات البعيدة.

3- إن التجارب السابقة، أثبتت أن كل من يحاول الوقوف «ضد التقنيات الحديثة» مصيره الانهزام والتولي من أول وهلة. عندما وضع المايكروفون أوائل الأربعينات في المساجد، وقف ضده آخرون ووصفوه بأنه «حرام» أو «بدعة» وكذا «الإذاعة» و»التلفزيون» حاول كثير من الناس الوقوف ضدهما، وعدّوا ذلك من باب التدين.

4- إن هذا الرأي يستحيل تطبيقه في ظل إقامة جامعات وكليات كاملة «تقنية»، واتجاه كافة الدول لتطبيق مفهوم «الحكومة الالكترونية» بصفة كاملة، واعتبار علوم الحاسب الآلي من المناهج الدراسية، ووزارة التربية تدرس جدوى استبدال الكتاب الورقي بالكتاب الالكتروني. والاتحاد الأوروبي يتجه لإدخال «البرمجة في المناهج الدراسية».

فهذا يعزز الاتجاه نحو «التقنيات الحديثة» بكامل الإيجابية، وإعلان الصداقة معها، بحيث نجعل هذه «التقنيات الحديثة» كآلة نستخدمها في الصالح، ولا تستخدمنا هي في الطالح.

إذن فالعبارة المثلى هي: «لنتفاعل مع التقنيــة. . بعقلانية تقنية».