محمد عبدالكريم المطيري

أولويات عاطل عن العمل

الثلاثاء - 13 سبتمبر 2016

Tue - 13 Sep 2016

- اشتغل في الحكومة وريح رأسك، نعم رواتب متدنية بس وجاهة... الشركات نعم ستنهكك وتزيد على عمرك بضع سنين لكن فلوووس...



- القطاع الخاص ما فيه أمان وظيفي والحكومي ما فيه رواتب...



- ابدأ شغلك الخاص.



- لازم رأسمال ولازم خبرة بصراحة مغامرة!



النقاشات اليومية للعاطل عن العمل حديث التخرج أو قديمه قد يكون كذلك على رأس العمل، فلو امتلك الإنسان الرضا والقناعة لما عاش في كبد.



التصور السائد عن العمل الحكومي هو أنه ليس هناك عمل حقيقي تؤديه فلا يوجد موظف يرغب في النظر في ملفات أودعها موظف متقاعس في درج النسيان، وإن أخذتك الحماسة وسولت لك نفسك الإنجاز والإخلاص ستجد من يقول «خل عنك»، «يا رجل محد درى عنك»، وسيصل إليك شعور بالعجز والإحباط حيث إنه بحماسة أو بدونها، أو بإخلاص أو بدونه حين تمر الأربع سنوات ستحل الترقية كشيء تقليدي لتعم الجميع، فلا حافز حقيقيا يدفعك لمزيد من الإنجاز، حيث إن المميز والمخلص غير ملاحظ!



في العموم الحوافز المادية متدنية والراتب لا يكفي الحاجة، إذن ما يبقي هؤلاء الموظفين على قيد العمل هو الأمان الوظيفي والوجاهة، ولا أعلم أية وجاهة يمكن أن تقدمها لك مرتبة وظيفية نلتها فقط بمر السنين وبلا مجهود يذكر.



القطاع الخاص على الجانب الآخر مليء بالحوافز المادية العالية لكنه خاضع لمزاج المدير ومدى استعدادك لتقبيل الأيادي وإجادة فن المجاملة.



كذلك سيشغل جل يومك ولن يتبقى لأمور الحياة الأخرى متسع من اليوم. وإن نأيت عن كل ذلك سيتبقى لديك أن تنشئ عملك الخاص وأن تكون مدير نفسك وتستطيع الحصول على الدعم المناسب حينما يكون لديك دراسة جدوى للمشروع، كل ما يتطلبه الأمر دراسة للسوق وتخطيط، ولكن هذه المشكلة! فالتخطيط ترف لا يطاق والعمل الجاد طريق شائك يحتاج مني جلدا وصبرا لا أطيقه.



خلال هذه النقاشات اليومية والتي لا تخفى على أي شخص ضليع بالشأن السعودي يسقط عديد من الأشياء المهمة من سلم الأولويات، فالرغبة والطموح والأحلام تظل في الهامش، قد يتهم البعض حديثي بالمثالية لكن الحاجة إلى تحقيق الذات تقبع في أعلى هرم الحاجات الإنسانية كما يزعم عالم النفس الشهير ابراهام ماسلو، ويرى أنه حينها فقط يكون الفرد قد استغل إمكانياته ومهاراته كما يجب أن تستغل. فلا يستطيع الشخص أن يوظف جميع إمكاناته توظيفا تاما ما لم يكن في وظيفة من اختياره تناسب إمكانياته ويدعمها طموح يحسن من أدائه الوظيفي ويرفع من إنتاجيته.



قد تكون المثالية مطلبا خياليا في ظل واقعية الظروف القاسية، ولكن مهما كان طريق المثالية وعرا فإن النتائج التي تعقبه هي الأمل لمستقبل طفل حالم طموح رأى في سابقيه حلما غدا حقيقة وإصرارا لمتابعة طموح لا يعرف الشبع.