سيرة حمد المانع.. غضب من الصحافة أم خيبة أمل؟!

هل يمكن أن تكون الصحافة جزءا من الفريق الإعلامي للمسؤول؟
هذا السؤال شاغبني وأنا أقرأ كتاب وزير الصحة السابق الدكتور حمد المانع (لكم وللتاريخ.. سيرة وزارية صريحة)، وعلى الرغم من أهمية الكتاب الذي يكشف كثيرا من الإجابات كما يوّلد كثيرا من الاستفهامات،

هل يمكن أن تكون الصحافة جزءا من الفريق الإعلامي للمسؤول؟
هذا السؤال شاغبني وأنا أقرأ كتاب وزير الصحة السابق الدكتور حمد المانع (لكم وللتاريخ.. سيرة وزارية صريحة)، وعلى الرغم من أهمية الكتاب الذي يكشف كثيرا من الإجابات كما يوّلد كثيرا من الاستفهامات،

الخميس - 03 أبريل 2014

Thu - 03 Apr 2014



هل يمكن أن تكون الصحافة جزءا من الفريق الإعلامي للمسؤول؟

هذا السؤال شاغبني وأنا أقرأ كتاب وزير الصحة السابق الدكتور حمد المانع (لكم وللتاريخ.. سيرة وزارية صريحة)، وعلى الرغم من أهمية الكتاب الذي يكشف كثيرا من الإجابات كما يوّلد كثيرا من الاستفهامات، فإن اللافت الذي سأتطرق له في هذه المقالة هو علاقة المسؤول بالصحافة، وهو الموضوع الذي فرد له الدكتور حمد المانع حوالي تسع صفحات بلغة حادة جداً بين التعريض المبُاشر، والتورية والإسقاط، بل وصل الأمر ذروته حينما كتب (الكلب ينبح حتى في القدس) حينما أكد أن «إنشاء هيئة مكافحة الفساد يؤكد وجود هذه الممارسات المُغرضة العارية من الحس الوطني بخلاف ما تدعي، وإن الربط بين الفساد وهذه الأقلام لا يعد ضرباً من التعسّف على الإطلاق...»

وعلى الرغم من أن معالي الوزير يستخدم كلمتي «البعض» و»لا أُعمم» أكثر من مرة عندما يتطرق للصحافة، فإن استياءه كان واضحاً ويتراوح بين الغضب وخيبة الأمل، ولمعالي الوزير مبرراته سواء بعض المواقف التي كانت تتعمد الإساءة والنيل منه كقصّة الصحفي الذي استغل وجود ابن الوزير في أحد المؤتمرات واستدرج الابن للمنصة كي يلتقط له صورة وينشرها في اليوم التالي معلقاً عليها بأن الوزير يصطحب ابنه للمنصة ويترك المرضى يعانون، أو حتى تجاهل الملفات التي تبناها الوزير إبان فترته الوزارية كالحزام الصحي والضمان الصحي ومشروع طبيب واحد ملف واحد، وهي المشاريع التي توقفت واختفت مع مغادرة الوزير لكرسي الوزارة، وعلى الرغم من أهمية هذه المشاريع التي قطع فيها شوطاً كبيراً وحلماً للمواطن لم يتحقق، أقول على الرغم من أهمية مناقشة هذه المشاريع الآن، وأهمية سؤال الوزير الخلف عنها فإنني سأقصر النقاش على الجزء المتعلق بالصحافة، وسأُحاول أن أكون محايداً ولستُ قاضياً، إذ أعتقد أن من أهم أسباب التوتر الدائم بين المسؤول والصحافة هو كون الأخيرة تُقدم نفسها دوماً كسلطة رقابية (ناقدة) تقوم (بالكشف) عن مكامن القصور والخلل، وليست شريكة في المشروع التنموي – أياً كان هذا المشروع – فالمسؤول الذي يكون بوضوح أهداف الدكتور المانع لا شك أنه كان يأمل أن تكون الصحافة جزءا - ولو غير رسمي – من فريقه الذي يصارع البيروقراطية ويحاول تجاوز معوقات كثيرة في سبيل تحقيق حلمه الوطني، فيما الصحافة كما يقول عنها الأستاذ فهد الأحمدي: (مهمتها أن تُخبرك عن الطائرة الوحيدة التي سقطت، وليس عن آلاف الطائرات التي وصلت بسلام)!

ليس من مهم الصحافة الترويج لأفكار المسؤول وتسويقها، فإقناع الحكومة والشارع بمشروعه تبقى مسؤوليته هو وفريقه فقط، والصحافة في هذه الحالة مجرد ناقل لما يقول ويفعل، لكن أيضاً من مسؤوليتها أن تسأل عن سبب تجاهل أو تغييب وإلغاء الأفكار التي كانت مُقنعة للجميع وتكلفت بكثير من الجهد والمال والدراسات ثم أُلغيت بمجرد مغادرة الوزير السابق لكرسي الوزارة، وهذه النقطة تمثل جزءا كبيرا من عتب المانع على الصحافة، في نفس الوقت لا يمكن أن نبرئ الصحافة وننسف كل السلبيات التي قالها الدكتور المانع، فتجربتنا مع إدانة بعض المسؤولين بالفساد في بعض المناطق كشفت لنا أن الصحافة كانت جزءا من الفساد، إذ تخلت عن دورها كسلطة رابعة ناقدة، وتحولت لمجرد ناقل للخبر الذي يصدر من العلاقات العامة عن إنجازات المسؤول، ولا تُتعب نفسها حتى بإضافة جملة (حسب قوله) أو (حسب قول العلاقات العامة)!

بل إن الأمر يتعدى ذلك (إلى الضغوط الإعلامية - كما وصفها الدكتور المانع- لإسكات المسؤول، وربما للإطاحة به تحت تأثير الترويع العام)!

وفي النهاية يبقى كتاب معالي الوزير السابق حمد المانع وثيقة مهمة، ليس فقط لتوثيق مرحلة مهمة، بل لقراءة واقع واستشراف مستقبل عبر كثير من الأسئلة التي يطرحها الكتاب، وتحتاج أجوبة صادقة من الجميع.