الغرور والتبذير

الثلاثاء - 06 سبتمبر 2016

Tue - 06 Sep 2016

تلتفت حولك فتصدم لحجم حب وعشق المظاهر الذي ابتلينا به، حتى أصبح هاجس شريحة من المجتمع التفاخر والتبذير والتظاهر بشتى أنواع النعم! أفلا يشكرون ويقدرون تلك النعم؟ ألا يقرؤون آيات الله في سورة الكهف كل جمعة ويتفكرون بها «ودخل جنته وهو ظالم لنفسه قال ما أظن أن تبيد هذه أبدا وما أظن الساعة قائمة ولئن رددت إلى ربي لأجدن خيرا منها منقلبا».



المظاهر استفحل أمرها وأصبحت هاجس عوائل كثيرة قد حملتهم ما لا طاقة لهم به، أثرت على صلة الأرحام والزيارات بين الأقارب والأرحام، وأصبحت ثقيلة بمتطلباتها والتزاماتها، خاصة عند النساء بحكم عامل الغيرة، حتى وصلت لمرحلة التحدي، ومن يقدم عرضا أفضل من الآخر. قد نسوا وتناسوا هدف الزيارة وصلة الرحم وغرضها السامي. يقبع المجتمع حاليا تحت وطأة المفاخرة والغرور والبعد عن البساطة في كل شؤون الحياة.



ولم تقف المظاهر عند الحفلات والولائم، بل أصبحت قيمة الشخص وقدره في كم يملك في الحساب، لا بقيمة وقدر أخلاقه وعلمه وتواضعه وفكره، يتصدر في مجالسنا من يملك المال، بينما تجد صاحب العلم والمنطق في أطرافها يصارع من أجل أن يجد مكانا له خشية من السقوط.



فعندما تنتكس المفاهيم والفطرة وتطغى الماديات وزخرفها على القيم والأخلاق والعلم فتنبأ بوجود الخلل في تركيبة المجتمع وعاداته، وهو بلا شك أمر مذموم قد ذمه الشارع الحنيف وحثنا على نبذه، وأرجو ألا يختلط الأمر بين الكرم والإسراف، فشتان بينهما.



يملك الجيل الحالي ومن قبله وعيا وثقافة عالية تمكنه من تغيير تلك المفاهيم المغلوطة وتصحيحها، فثقافة مد سفر الطعام من وإلى يجب أن تتغير، وذبح شاة من أجل رجلين أو ثلاثة لا صلة له بالدين والكرم، بل هو تبذير مذموم، ورضا الرب سبحانه مقدم على رضا مخلوقيه، وليعلم الجميع ـ وأنا أولهم ـ أن النعم لا تدوم وسوف نسأل يوما عن تفريطنا في نعم الباري وتبذيرها.



فبالشكر تدوم النعم، ومن حق شكر النعمة حفظها والمحافظة عليها. وفي الختام أسأل الله عز وجل أن يديم علينا نعمه ويرزقنا من واسع فضله.