عبدالرحمن عمر خياط

جاهلية بمعنى الكلمة!

الثلاثاء - 06 سبتمبر 2016

Tue - 06 Sep 2016

قرأت ما كتبته الأخت في الله (ميلاف عابد) بجريدة مكة المكية بتاريخ 3-11-1437هـ تحت عنوان مثير (بعد منتصف الليل)، ولأهمية الموضوع وغرابته أرصد طرفا منه:.



(في ظلمة الطريق وهدوء الكون والمنازل المغلقة بإحكام، خرجت حافية القدمين مع طفليها اللذين لم يتجاوزا الأربع سنوات، تمشي مسرعة محاولة الابتعاد عن المكان بقدر الإمكان!



المدينة هادئة وليس هناك سوى الشوارع تتجول بحثا عن الطعام وربما الدواء، خوفها على أطفالها أجبرها على الخروج في هذا الوقت المتأخر بعد أن أبرحت ضربا من زوجها المتعاطي، كانت دموعها حديثها المجهول ولكن جسدها تحدث بكل وضوح وبصوت مسموع! عادت إلى أهلها ترتجي الخلاص من هذه الحياة، فكان الجواب بمثابة توثيق القيد خوفا من كلام الناس.



في اليوم التالي أعادوها حيث العذاب، توسلت ولكن القلوب القاسية لا تستجيب، وبعد أسبوع من شكواها جاؤوا بخبر وفاتها بعد أن تلقت ضربة في رأسها، وانتهى السيناريو بمراسم العزاء).



(كلام الناس)، من هم لنخاف من حديثهم عنا، لنصمت عندما نرى الجرائم ترتكب بأبشع الطرق! لماذا نقرر عكس الصواب ونجعلهم محددين لمصير حياتنا ونبنيها على ما يرونه هم؟



نرى الخطأ ونتركه يستمر! هل (كلام الناس) نقطة الضعف التي نخاف من مواجهتها أم الشيء الذي اعتدنا عليه منذ الصغر علينا تجنبه حتى وإن كنا محقين؟



ما هو مفهوم (كلام الناس)؟ هل هو المصير المحدد لكل ردة فعل أو تصرف؟



إن الأمر خطير بمعنى الكلمة – وأعود لأكرر عبارة (كلام الناس)



ونحن نرى ما حصل لهذه الزوجة التي لاقت منيتها على يد ذلك الزوج المجرم، ولا نطلب من الحكومة عقوبته؟! إن هذا لأمر عجيب.



ثم إن مثل هذا الزوج المجرم إن لم يعاقب على فعلته التي قام بها فكيف يرتدع من تسول له نفسه بفعل مثل ذلك؟



ولأنني رافقت العم محمد محمود سفر تغمده الله بواسع رحمته – في قضية إصلاح (بين زوجين)، وكانت الزوجة قد خرجت وطفلتها الرضيعة بالليل المظلم إلى بيت والدتها إذ كان والدها متوفى، وأرسل العم محمد أحد الأولاد من الحارة إلى دار والدة الزوجة يستأذن لحضوره ورجع المرسول بالموافقة، وتشرفت بمرافقته يرحمه الله، فقابل والدة الزوجة بكامل لباسها ووراءها ابنتها (الزوجة تحمل طفلتها) فقالت لها: اكشفي ظهرك وصدرك لهذا الرجل، واذكري له الأسباب، وكشفت المسكينة (وليتها لم تفعل)، وقالت إن الزوج جاء متأخرا، فسألته إن تسخن له الإدام والخبز، فقال إنه تعشى لدى أحد أصدقائه، وطلب منها أن تشعل الفحم وأن تغير ماء الشيشة، لتهيئ له (التعميرة)، فأخذت بالأسباب، وبينما هي كذلك استيقظت طفلتها من النوم، فذهبت لترضعها لتنام مرة أخرى، فإذا به ينقض عليها بيديه ويضربها ضربا (هذه آثاره) ويرفسها برجله (لأنها لم تهيئ له الشيشة)، فتركت له الشقة وهي تبكي متألمة من الضرب الشديد، وخرجت ماشية إلى منزل والدتها التي فوجئت بها وببنتها، فذكرت لأمها ما كان من زوجها، ومرت ثلاثة أيام لم يسأل عنها زوجها، وسمع العم محمد يرحمه الله ما قالته الزوجة، ورأيت دموعه في عينيه، وقال لي (اكتب يا عبدالرحمن ما سمعته).



وعن طريق عمدة الحارة أخذ موعدا لمقابلة الزوج بمنزله بعد صلاة العشاء «وأنا معه» وإذا بالزوج يصيح «نعم ضربتها، وأضربها»، وإن الله قال «واضربوهن!».



قال لي العم محمد: اقرأ يا عبدالرحمن كل ما قالته زوجته، فصاح الزوج: نعم ضربتها، مردفا: وكيف لك أنت وهذا الولد الشاب «يقصدني أنا» أن تنظرا إلى جسد زوجتي، اذهبا إلى حالكما، وزوجتي «وذكر اسمها الثلاثي» طالق ثلاث.



وتبرع العم محمد بشراء ملابس لها وللطفلة المسكينة ووقع الطلاق، وبعد أسبوع توفيت، وأرسلت والدتها من أخبر العم محمد سفر بوفاتها، وقام العم محمد باللازم وهو يردد (إنا لله وإنا إليه راجعون)، وبقيت الطفلة عند جدتها، بدون مصروف ولا يحزنون.. وإنا لله وإنا إليه راجعون.



وأمثال هؤلاء المخاليق لا بد أن يعاقبوا لأن «من أمن العقوبة أساء الأدب».