شاهر النهاري

بريدة تتهاطل رطبا جنيا

الثلاثاء - 06 سبتمبر 2016

Tue - 06 Sep 2016

من قلب نخلة باسقة، تتوسط واحة سامقة، ويربض جذعها فوق هضبة مغزولة من ذهب الكثبان، وتتعمق جذورها في عشق خضار الوجد، وينبت من متاعها براعم أحلام عانية إلى عين شمس، وديمة رذاذ؛ ويكتنز خوصها ونصلها بالأمنيات، وتتمسك الراكوب، والفسائل والعرجون بالأمل، وكم من المَعْوَ والهو والبلح والرطب تتساقط من قممها رخاء، ودون أن تهز النخلة جذعها أو يتقصف سعفها، أو يتقطع وصال ليفها، لتعم البركات في سوق خير ونماء وعطاء عظيم يستمر لما يتجاوز الشهرين من كل عام، تغدق فيه النخيل بإذن الله بحالي الطعم على القريب والبعيد، وتطعم أفواها تتوق لقضمة السكري والبرحي ونبتة علي، ونبتة سيف، والخلاص، والرشودي، الغنية بعناصر الحياة الحيوية المتنوعة أذواقها وأطوارها.



بريدة دار وهج البدايات، ونزعة عبور النهايات، ويكفيها روعة أن يكون الفكر التجاري المتطور عين ما يحرك مطامح أهلها، فيبدعون وينشئون وينظمون وينسقون ويعلنون، ويبذلون غاية جهود الأيدي المتكاتفة، وتكامل سعي العقول لجعل مهرجان التمور ببريدة شأنا وطنيا بالصورة واللب، يفاخر كل مواطن بفعالياته وسبقه للمهرجانات الزراعية الأخرى.



ويكفيها أن المزارع الصغيرة تتنافس حبا وتميزا في تقديم الأفضل والأنقى والأكثر جودة من أنواع التمور، مع الشركات المنتجة الكبرى مثل شركة (أتماري) الرائدة.



ويكفي طموح بريدة أن تحتوي على مزرعة عملاقة هي الأكثر زراعة للنخيل في العالم، وللنوع العضوي منه، فتحتوي على أكثر من 200 ألف نخلة مثمرة على مساحة 5466 هكتارا، وتكون حاصلة على شهادة «جينيس للأرقام القياسيّة» بذلك التميز؛ وبأنها للعجب تعمل بالنظام الخيري كوقف من أوقاف الراجحي، فتغدو علامة فارقة على المستوى العالمي.



ويكفي بريدة أن تتعدد بها مناشط السياحة والفعاليات الشعبية في زمن مهرجان التمور بمن يتشاطرون العطاء، وأن تقوم شركة (السلوم والغيث)، بدورها الاجتماعي بالتعاون مع إدارة المهرجان، وذلك بتبني التاجر الشاب الوطني المبتدئ، وتزويده بالتدريب المجاني، ثم إعطائه رأس المال كقرض حسن يتمكن به من الشراء اليومي من المنتوج الجزل، ومعاودة ترحيله والتكسب منه مما جعل اليافعين بينهم يكتشفون حقائق ذواتهم، ويكملون مسيرة العجلة الاقتصادية النشطة في البلد.



ويكفي بريدة شاهدا ذلك الحماس، الذي يحتضنك في كل الزوايا، وتجده في جوف كل فرد فيها من أمير المنطقة ومرورا بالعاملين بأمانة وبلدية ومهرجان بريدة، وتكاملا بأعمال ومشاركات هيئة السياحة، ومن بذل وكرم أعيان البلد، وحتى أصغر مواطن فيها بعشق وثقة بما بين أيديهم وفي أفئدتهم.



وأثناء زيارتنا للمهرجان وحتى يكتمل عقد الرؤية الوطنية ذكرت لسمو أمير منطقة القصيم الأمير فيصل بن مشعل، عن احتياج المنطقة لمختبر طبي متطور يتناسب مع عظم مهمة مراقبة ومتابعة وتطوير أعمال إنتاج التمور في كافة المنطقة، ولتأكيد جودة وصحة المنتوج، وعدم تأثره بالمبيدات الحشرية، بالإضافة إلى اكتمال الجانب العلمي والبحثي والتدريبي والتنفيذي في تلك المجالات، مما يحتاج لوقفة داعمة من قبل الإمارة والجامعات، ووزارة الزراعة والصحة والدواء لاكتمال الصورة.



كما أتمنى من سموه ربط جميع أعمال الأسر المنتجة في الأسواق والمنتزهات بالجمعيات الخيرية، لمساعدتهم على التكسب المشروع، ودون إرهاق لميزانياتهم البسيطة بإيجارات الأكشاك، والرسوم المفروضة عليهم.



[email protected]