إسماعيل محمد التركستاني

بيانات صحية متناقضة.. لماذا؟

الاثنين - 05 سبتمبر 2016

Mon - 05 Sep 2016

نقلت إحدى الجرائد الالكترونية المحلية (والمعروفة جدا)، خبرا جاء فيه أن طفلة تبلغ من العمر 4 سنوات ونصفا، تم إدخالها إلى أحد مستشفيات وزارة الصحة في تاريخ (8 ذي القعدة 1437هـ)، وكانت تعاني من توقف للتنفس (انتهى)، وإلى هنا والخبر يعتبر عاديا جدا.



ولكنني سوف أتطرق إلى بيانين توضيحيين (ذكرتهما الجريدة الالكترونية)، وهما:



الأول: بيان الشؤون الصحية المشرفة (إداريا وفنيا) على المستشفى، والذي جاء فيه:



إنه تم إدخال الطفلة و إجراء إنعاش قلبي رئوي للطفلة بقسم الطوارئ بالمستشفى، ومن ثم أدخلت للعناية المركزة، وما زالت تحت التنفس الصناعي، لأن درجة الوعي لم تعد للوضع الطبيعي الذي يسمح بفصلها عن جهاز التنفس، ويتم متابعة حالة الطفلة من قبل استشاري القلب والأعصاب. ثم قامت المستشفى بعمل تقرير لتحويلها لمركز طبي متقدم (نزولا عند رغبة ذويها) إلا أن الرد من قبل المستشفيات المتقدمة كان مفاده أن الخدمة الصحية المقدمة للطفلة كافية لحالة الطفلة، ولا تستدعي الحالة نقلها وتحريكها لأي مكان آخر. (انتهى)، وكما هو معروف فإن البيان الصحي (الصادر من الشؤون الصحية) سوف يعتمد على تقرير مبني علي رأي الطبيب الاستشاري المعالج (فقط)، ويتم تصديقه من قبل المدير الطبي للمستشفى!



الثاني: بيان ذوي الطفلة المنومة (عم الطفلة)، والذي جاء فيه: الرد الذي وصل لنا من قبل المستشفيات المتقدمة يوضح أن خدمة علاجها غير متوفرة (ولم يتم ذكر أسماء تلك المستشفيات)، وأن هناك توصيات بعلاجها في الخارج من قبل لجان (أيضا لم يذكر ما هوية تلك اللجان) تم عرض ملف الطفلة عليها. إلى جانب أن البيان التوضيحي من الشؤون الصحية بالمنطقة لم يتطرق لمراجعة الطفلة منذ عام ونصف لمستشفيات المنطقة (!!).



ولم يتم تشخيص حالتها في هذه الفترة التي كانت تراجع بها. (انتهى).



الثالث: تقرير الهيئة الطبية التابعة للشؤون الصحية بالمنطقة، وجاء فيه: ولقد أصدرت الهيئة الطبية العامة التابعة للشؤون الصحية بالمنطقة قرارا يفيد أن الطفلة تحتاج العرض للهيئة العليا للنظر في علاجها في الخارج (وكما هو معروف فإن الهيئة الطبية تصدر قرارها بناء على تقرير طبي صادر من المستشفى التي تعالج بها الطفلة)!!



مجمل القول، هناك نقص (وتناقض) واضحان من (وبين) البيانين وزاد الطينة بلة تقرير الهيئة الطبية، حيث إن تقرير الهيئة جاء عكس (خالف) بيان الشؤون الصحية (والسبب في هذا التعجب، أن كلا من بيان الشؤون الصحية و تقرير الهيئة الطبية لا بد أن يكون مرجعهما هو التقرير الصادر من المستشفى المعالج للطفلة). أيضا، أثبت بيان ذوي الطفلة (ومما لا شك فيه) أن هناك تقصيرا في الكشف المبكر على حالة الطفلة، إلى جانب عدم الاستفادة من الإمكانيات الكبيرة التي وفرتها وزارة الصحة (مثل برنامج إحالتي). ولكنه، يمكن استخلاص ما يلي:



1) كلنا يؤمن بالدور الهام المنوط بالإعلام المقروء (سواء الورقي أو الالكتروني)، هذا الدور المتمثل في إيضاح الكثير من الحقائق وتبيانها وخاصة للمجتمع المحلي. ورغم إيماني بأن إعلامنا المحلي ما زال بحاجة ماسة إلى اكتساب المزيد من الخبرة والاحترافية في التعامل والتخاطب مع عقلية القارئ الذي اكتسب صفة الإنسان الحر الطليق في فضاء إعلامي واسع، إلا أنه ما زال (الإعلام المحلي) في شد وجذب (وخاصة في طرح) مع الكثير من القضايا التي يتعامل معها وخاصة القضايا المتعلقة بالخدمات الصحية.



2) لست هنا في موقع للدفاع عن الخدمات الصحية، ولست مع من يكيل التهم للخدمات الصحية بالقصور، ولكنني أرغب (ومن خلال تجربتي في المجال الصحي) أن أضع كلا من العاملين في القطاع الصحي، وعلى رأسهم وزير الصحة، جنبا إلى جنب مع أصحاب القلم الإعلامي في مركب يسير في اتجاه واحد ألا وهو المساهمة والمشاركة في تبني استراتيجية (إعلامية صحية) واضحة المعالم للطرفين ترسم فيه خارطة طريق للحوار الصحي الذي يساهم في وضع صورة حقيقة للخدمات الصحية حاضرا ومستقلا.