سد النهضة الإثيوبي حلم شعبي لوداع الفقر والظلام
على الرغم من إحداث سد النهضة الذي بدأت إثيوبيا ببنائه على نهر النيل، أزمة دبلوماسية وسياسية مع دول المصب خصوصا مصر، إلا أن الشعب الإثيوبي لا يبدو معنيا بالأمر، ويسهم في بناء السد من الراتب المتواضع، متطلعا إلى انتهائه ليطوي بذلك صفحة مريرة من الفقر الذي عصف بالبلاد سنوات طويلة
على الرغم من إحداث سد النهضة الذي بدأت إثيوبيا ببنائه على نهر النيل، أزمة دبلوماسية وسياسية مع دول المصب خصوصا مصر، إلا أن الشعب الإثيوبي لا يبدو معنيا بالأمر، ويسهم في بناء السد من الراتب المتواضع، متطلعا إلى انتهائه ليطوي بذلك صفحة مريرة من الفقر الذي عصف بالبلاد سنوات طويلة
الثلاثاء - 18 مارس 2014
Tue - 18 Mar 2014
على الرغم من إحداث سد النهضة الذي بدأت إثيوبيا ببنائه على نهر النيل، أزمة دبلوماسية وسياسية مع دول المصب خصوصا مصر، إلا أن الشعب الإثيوبي لا يبدو معنيا بالأمر، ويسهم في بناء السد من الراتب المتواضع، متطلعا إلى انتهائه ليطوي بذلك صفحة مريرة من الفقر الذي عصف بالبلاد سنوات طويلة.
شرعت إثيوبيا في بناء سد النهضة في ٢٠١٠، وأطلقت عليه بادئ الأمر اسم "سد الألفية"، ثم عمدت لاحقا إلى تغيير اسمه إلى "سد النهضة العظيم"، إلا أنه يطلق عليه باللغة المحلية "أباي" وهو نفسه الإسم المحلي للنيل الأزرق.
ويعتبر السد أول مشروع مائي إثيوبي على النيل الأزرق، ويعد من أضخم المشاريع لتوليد الطاقة الكهربائية في إثيوبيا.
وأشارت درسات في بادئ الأمر إلى إنتاج ٥٢٥٢ ميغاواط من الكهرباء، ولاحقا عدلت الكمية لتصل إلى 6000 ميغاواط.
وبحسب أحدث تقارير الحكومة الإثيوبية، تم إكمال 30% من المراحل التنفيذية للمشروع.
مقولة زيناوي
يعتز الشعب الإثيوبي كثيرا بمقولة زعيمه رئيس الوزراء الراحل ملس زيناوي التي يرددها دائما كدلالة رمزية على تصميم وإرداة الشعب الإثيوبي على المضي قدما في بناء السد خاصة عقب توقف الدعم الخارجي، وهي: نحن مهندسو السد، نحن داعمو السد، نحن بناة السد.
وكانت الشعوب الإثيوبية تتفاعل مع حديث زيناوي بالهتافات والتهليل ترحيبا بكلمات قائدها الذي ترى أنه حقق إنجازات كبيرة في فترة زمنية قصيرة، وأن ما حققه خلال هذه الفترة لم يتحقق خلال عقود.
ملحمة وطنية
يعاني الاقتصاد الإثيوبي من صعوبات كبيرة، ولتوفير تمويل لبناء السد لجأت الحكومة إلى الشعب وراحت تجمع تبرعات وتبيع سندات وصكوكا تطرحها لهذه الغاية.
وتفاعل الشعب من ناحيته بطريقة كبيرة إذ المشروع ملحمة وطنية ستنقلهم إلى المدنية والحضارة ووداع الفقر والظلام.
وفيما راح الناس يساهمون كل على قدر استطاعته، تبرع العمال وموظفو الحكومة براتب شهر العام الماضي لدعم مشروع السد.
وقدمت مقترحات لمواصلة جمع التبرعات من خلال رسائل قصيرة عبر الهواتف المحمولة، وبيع اليانصيب.
وتوقعت الحكومة جمع مليار و200 مليون بر (الدولار يساوي 20 برا) خلال الحملة الجديدة لاستقطاب الدعم الشعبي.
تأييد شعبي
ويحظى مشروع السد بتأييد شعبي غير مسبوق عبر عنه الإثيوبيون من خلال حملة إعلامية شعبية واسعة النطاق.
وتعكس ذلك إعلانات الشوارع الرئيسة في البلاد ولافتات كتب عليها عبارات مؤيدة منها: "لا بد من بناء السد للخروج من الفقر"، و"سد النهضة رمز لنهضتنا"، و"سد النهضة إثبات للوجود الإثيوبي"، و"سد النهضة الحلم الإثيوبي البسيط" و"رسالة لنهضتنا".
حلم الشعب
ويشدد المواطن الإثيوبي حسين على أهمية المشروع، معتبرا أنه يحقق حلم الشعب الذي لم يستفد من مياه النيل الأزرق الذي ينبع من أراضيه.
وقال: لأجل تحويل الحلم إلى حقيقة، نتبرع كل عام بمرتب شهر لمصلحة دعم بناء مشروع السد.
ويوضح المواطن محمد حسن أنه تبرع بمرتب شهر العام الماضي لدعم السد اختياريا، اقتناعا منه بدروه الوطني للإسهام في دعم ودفع مسيرة الاقتصاد.
رمز السلام
وفيما ترى السيدة تقست وندمو أن السد يعتبر تاريخا جديدا لإثيوبيا، يعده عبدالكريم دينو بداية لمحاربة الفقر والوصول باقتصاد البلاد إلى بر الأمان، وإثبات الذات.
ويقول سمري كحساي: سنسهم في دعم السد لأنه سيسهم في تعزيز الاقتصاد الوطني، وربط دول المنطقة بعضها بعضا، كما سيقدم لنا وللآخرين فوائد كثيرة.
ويرى الإعلامي حامد طاهر في السد رمزا للسلام والتعايش والتنمية مع دول الجوار، إلى جانب تحقيقه لعملية التنمية والتقدم.
رفض مصري وموافقة سودانية وطمأنة إثيوبية
أثار بناء سد النهضة الإثيوبي جدلاً مع بعض بلدان المصب خصوصاً مصر.
وانقسمت دول المصب ما بين معارض ومؤيد، في الوقت الذي عارضت فيه مصر أيد السودان بناء السد.
وفيما رأت دول أخرى من دول حوض النيل خاصة يوغندا أنه يحق للإثيوبيين الاستفادة من نصيبهم من مياه النيل في التنمية باعتباره حقاً مشروعاً، اعتبرت مصر السد مهدداً لأمنها المائي وأنه سيخفض حصتها من المياه.
إلا أن إثيوبيا تنفي هذه الفرضية، وتقول إن من حقها أخذ نصيبها من المياه لإحداث التنمية التي ظلت بعيدة عنها كل البعد.
وأجرت إثيوبيا ومصر مباحثات حول المشروع وتبادل الجانبان زيارات، وكذلك اتهامات حتى وصلت المفاوضات بينهما إلى طريق مسدود.
ولا يزال التوتر يخيم بين البلدين وتتسع الفجوة الخلافية بينهما يوماً بعد يوم، في الوقت الذي تمضي فيه إثيوبيا قدماً في تنفيذه.
طمأنة الجوار
وأكد رئيس الوزراء الإثيوبي هيلي ماريام دسالنج، خلال لقائه مع عدد من الوفود المصرية، أنهم لا يريدون الإضرار بمصلحة أحد، والهدف من بناء السد تنمية إثيوبيا والاستفادة من نصيبها من مياه النيل، موضحاً أن التنمية التي يسعون إليها ستفيد دول الجوار خصوصاً مصر والسودان.
وفي هذا السياق، يقول مساعد رئيس الوزراء قيتاجو ردا: إثيوبيا تبني السد لتحقيق عملية التنمية في البلاد، وليس للإضرار بالآخرين.
وأضاف: في حال بنت إثيوبيا سدوداً أخرى بجوار سد النهضة، فهذا لا يعني أنها ستضر بمصر، لأن سدودنا لتوليد الطاقة الكهربائية.
عام ثان
وأكمل مشروع السد عامه الثاني، ودفعت الحكومة الإثيوبية بحزمة مقترحات لإشراك مصر والسودان في عملية بناء السد للاستفادة من الطاقة الكهربائية المنتجة.
كما شرعت في خطوات عملية لبيع كهرباء السد من خلال توقيع اتفاقيات مع دول الجوار خصوصاً جيبوتي والسودان وكينيا.
وتتوقع الحكومة أن يدر عليها إنتاج الكهرباء المباعة لهذه البلدان، عملات صعبة تسد فاتورة استيرادها للنفط الذي يكلف خزانتها المنهكة ملايين الدولارات.
تخطيط سري.. والرمز x
بدأ التخطيط الفعلي لمشروع سد النهضة من قبل الحكومات السابقة، إلا أنها لم تشرع في تنفيذ المشروع تحسبا لموقف رافض من دول المصب (مصر والسودان).
وهذا ما جعل الحكومة الحالية (حكومة الجبهة الديموقراطية الثورية للشعوب الإثيوبية) تبدأ التخصطيط لتنفيذ المشروع سراً ورمزت له في البدء برمز x لئلا يتم تداول المعلومات عنه.
وفي أبريل 2011 كانت المفاجأة عندما أعلن عن وضع الحجر الأساس للمشروع والبدء في تنفيذه.
وشكلت الحكومة مكتبا للإشراف على عمليات البناء والتشييد بإشراف مساعد رئيس الوزراء، وأسندت عملية الإدارة لموظف بدرجة وزير، فيما أسندت عمليات التنفيذ لكبريات الشركات الوطنية مثل شركة الحديد التابعة للقوات المسلحة، بالتعاون مع شركة إيطالية.