ناصر عليان الخياري

هوس العين!

الجمعة - 02 سبتمبر 2016

Fri - 02 Sep 2016

حدثني عن العين التي كادت تقتلع حياته من جذورها، وحقيقة كدت أنخدع وأصدقه بيد أني تأملت في واقع حياته، فلم أجد حقيقة ما يغري «أباتشي العين» بالانقضاض عليه.



فحياته معدمة من كل ما يمكن أن يحسد عليه الإنسان.



حدثني عن سيارته التي أصابها جاره «بعينه» فأضحت لا تشتغل إلا بعد عدة محاولات، عندما رأيتها وجدتها سيارة «كحيانة» يعود موديلها إلى ما قبل الألفية، وهي إن لم تشتغل فلأن الدهر أكل عليها وشرب.



لم يكتف بذلك، بل حدثني عما أصاب ابنه حين تخرج من المتوسطة، ونسب ذلك إلى إمام المسجد ذي العين الحارة! علمت منه أن ابنه تخرج بتقدير مقبول، وقد نجح بمادتين بفضل نظام تجاوز أي تم تنجيحه عنوة! فأي عين غبية يستفزها هذا الفشل! لم يكتف بذلك بل قدم لي النصيحة الثمينة «بأن أحذر من فلان لأنه ذو عين حارقة» لا تترك شيئا يعجبها إلا وتعطبه! وليته لم يحذرني منه - فأنا أعرفه تمام المعرفة - فعينه أبرد من الثلج ولسانه أنقى من الماء العذب وقلبه يمتلئ تقوى وحبا للخير.



إن صاحبنا هذا أمثاله كثر، سلموا عقولهم للوهم، فأصبحت خاضعة لسيطرة الوسواس الخناس الذي يوسوس في صدور الناس فيملؤها هوسا بالعين.



حتى أصبحت حياتهم مدار اضطراب وتربص وقلق، فلا يدرون من أين ستباغتهم «أباتشي العين»! لقد رهنوا عقولهم لهذه الفكرة «الوسواسية» فأقحموها بكل تفاصيل حياتهم، يخشون كل شيء، فلو هبت الريح لنسبوها إلى عين فلان، ولو انطفأت الكهرباء لنسبوها لعين حاسد آخر.



حرموا أنفسهم متعة الحياة، وأنهكوا عقولهم بالمبالغة بالاحتراز، والتعقيد، فأضحت حياتهم كتلة من العقد، لا تنحل عقدة إلا تنعقد أخرى محلها.



ليتهم يتوكلون على الله حق توكله فهو الكافي ويتخلصون من هذا الهوس المزعج.