فارس محمد عمر

بيداء ودابة

الجمعة - 02 سبتمبر 2016

Fri - 02 Sep 2016

لا أحد سواه في بيداء قصيّة على دابة عصيّة، تسرع وتبطئ وتشرّق وتغرب بإرادتها، وقد تستجيب ليده ولقدمه أحيانا.



لا يهمه من إطلاق الدابة وكبحها سوى موضع جلسته ويديه وقدميه عليها.



لا حاجة له في ترويضها إن جفلت ولا في تطويعها في تقدّمها وتأخرها، ولا في إتقان إناختها، فالأرض خالية يمضي ويدور ويقف فيها أينما يشاء ولا يشاء.



حسبه أن يجد نفسه على بركة ماء وفي حقل ثمار، ثم في مأواه بمؤونته.



خطر لي ذلك وأنا أقود سيارتي يوما أجوب المدينة ساعات عديدة لقضاء حوائج متفرقة، وبعدما تهورت بالحديث مع سائقين كثيرين، عن خطأ ارتكبه كل منهم أو عن رأيه فيه.



هذا رد كأن لم يفهم مني، وثان لم يرد، وثالث غضب وهاج، حتى الذي كانت عليه هيئة عاقل مؤدب!



أحداث مؤلمة غدت درسا وفائدة لي، إن أردت وتأملت واعتبرت.



الذي يقود بلا إشارة في وقتها ومكانها، وبلا اعتبار لمواقف ومسارات ومنعطفات وأرصفة، وبلا إحساس بالاحتكاك الوشيك لشدة الاقتراب، ويتحرك من أقصى اليمين لأقصى اليسار وبالعكس، ويدمن الضغط على البوق، وينطلق بغتة من شارع فرعي ومن مسار آخر، ويفعل ما لا يحصى، ألا يحاكي التصور الأول الذي مر بذهني، كأنه فوق دابة منفلتة تقوده في فلاة لا يرى فيها غيره، فينفر مستوحشا حتى من الكلام اللين كأنما سمع عفريتا؟!



هلا وضعنا التوعية، احتراما لأنفسنا وبلادنا، في أعيننا وألسنتنا ومناهجنا، وثبتنا وجودها في شوارعنا وجرائدنا وقنواتنا، وضمناها في ملاحظاتنا ومكافآتنا وإنذاراتنا وعقوباتنا؟ ليتنا نؤدي هذا الواجب الديني والعقلي والإنساني والتربوي والاقتصادي ولا نتركه، ليتنا.