محمد العوفي

القطاع الخاص واستراتيجية توظيف السعوديين!

الخميس - 01 سبتمبر 2016

Thu - 01 Sep 2016

في المقالين الماضيين تم التطرق إلى فشل سياسة توظيف السعوديين في القطاع الخاص، وعرض بعض من أسباب فشل هذه الاستراتيجية، وهي تجاهل التهيئة قبل البدء في التطبيق، والاتجاه إلى سعودة الوظائف المتدنية، مع غياب واضح لتحديد أجر ساعة العمل، مما خلق تحديا كبيرا للوزارة في جذب الشباب للعمل في القطاع الخاص، أو الاستمرارية في العمل في ظل غياب الحوافز الجيدة للتوظيف، ولا سيما أن الإحصائيات السنوي الصادرة عن مؤسسة النقد السعودي «ساما» كشفت أن متوسط الرواتب الشهرية للسعوديين في القطاع الخاص 2417 ريالا، حيث يبلغ متوسط أجر الذكور الشهري 2342 ريالا مقابل 3497 ريالا للإناث؛ مما يؤكد فرضية تدني الوظائف المسعودة، وغياب تحديد أجر ساعة العمل.



وبالعودة إلى الاستراتيجية، نجد أن الرؤى التي بنيت عليها تنظر للقطاع الخاص كشريك أساسي في توظيف السعوديين، وأنه قادر على استيعاب عدد كبير من السعوديين في كل المستويات والدرجات الوظيفية، وأنه قادر على التوسع، وخلق مزيد من الفرص الوظيفية عاما بعد آخر بغض النظر عن عدد الداخلين في سوق العمل.



لكن الواقع يقول إنه لم يكن الشريك الذي يعول عليه كثيرا، فهو أول من قاوم توظيف السعوديين في القطاع الخاص منذ عهد الوزير غازي القصيبي تحت ذرائع متعددة، وعندما بدأ صندوق الموارد البشرية «هدف» في تطبيق برامج التوظيف والتدريب المدعوم الذي يصل إلى نحو 50% من الراتب الشهري، ونحو 75% من تكاليف التدريب تغيرت القناعات وتسابقت الشركات لتنال نصيبها من كعكة «هدف»، في تناقض واضح وصريح مع ذرائعها الماضية، بصورة تثبت ريعيته حتى في برامج التدريب والتوظيف.



النقطة الأهم في هذا السياق أن ريعية القطاع الخاص سبب رئيس في فشل استراتيجية توظيف السعوديين فيه، حتى وإن حاول القطاع التملص من هذه التهمة ونفيها، فهو في معظمه – وكلنا نعرف ذلك - قطاع ريعي يعتمد عن حجم الإنفاق الحكومي بدرجة كبيرة، وقليل منه إنتاجي، وهذا يعني أن ازدهاره ونموه وتوسعه تعتمد كليا على حجم الإنفاق الحكومي، وأن توليده وخلقه للوظائف يأتيان تبعا لهذا الإنفاق، وبالتالي يمكن القول إن القطاع الخاص بصورته الحالية عاجز عن توليد الوظائف، وستعاني هيئة مكافحة البطالة وتوليد الوظائف معه طويلا.



والفرق بين القطاع الخاص الإنتاجي والريعي كبير جدا، فالقطاع الإنتاجي لديه ما ينتجه ويصدره ويبعيه في الأسواق الخارجية، وبالتالي فهو أقل تأثرا من تراجع الإنفاق الحكومي، والقطاع الخاص الريعي ليس لديه ما ينتجه ويبيعه، ويعتمد على حجم الإنفاق الحكومي، يضاف إلى ذلك أن قدرة القطاع الإنتاجي على توليد الوظائف لا تقارن بما يخلقه القطاع الخاص الريعي من وظائف، فالوظيفة الإنتاجية الواحدة تخلق فرصا وظيفية متعددة في قطاعات الإنتاج الأخرى المكملة لها، كما أنها تخلق فرصا وظيفية في القطاعات الأخرى، كالتغليف والتسويق والتوزيع، خذ على سبيل المثال صناعة السيارات والمعدات وغيرها، فالوظيفة الواحدة قادرة على أن تخلق خمس وظائف في قطاعات مكملة لها.. وهكذا.



أكاد أجزم أن القطاع بصورته الحالية لن يكون شريكا يعتمد عليه في استراتيجية التوطين، وأن محاولات ترميمه لن تؤتي أكلها، لأنه في الأصل قطاع ريعي محدود الوظائف، وانكشف ضعف قدرته على الصمود مع توجه الحكومة لترشيد الإنفاق في تراجع الأرباح، وانكماش التوظيف، وتوجه البعض منها إلى تسريح بعض من موظفيه، وبالتالي فهو غير قادر على توليد وخلق 450 ألف وظيفة بحلول 2020.



زبدة القول، بعد نحو 20 عاما من المحاولات لجعل القطاع الخاص أكثر جاذبية، والموظف الأول للسعوديين، سأعيد صياغة المقال في جملة واحدة «ريعية القطاع الخاص لن تنجح استراتيجية توظيف السعوديين».



[email protected]