اقرأ النشرة قبل أن تشتكي من الدواء

كم مرة سمعنا شخصا يقول «الدواء ما نفع معي»، أو «من أول جرعة سبب لي دوخة وتعب»؟ كثير من هذه الشكاوى لا تعود إلى الدواء نفسه، بل إلى طريقة استخدامه. فالنشرة التي تأتي داخل العلبة ليست ورقة شكلية، بل خريطة طريق لسلامتك، تخبرك متى، وكيف، ولماذا تستخدم العلاج.

بعض الناس يتعامل مع النشرة الدوائية وكأنها شيء ممل أو مخيف، بينما في الحقيقة هي من أكثر الأوراق أهمية في حياتك الصحية. فيها تجد كل ما تحتاجه لتفهم الدواء: الجرعة، الأعراض الجانبية المحتملة، موانع الاستخدام، وطريقة الحفظ. ومع ذلك، كثيرون يرمونها دون أن يلقوا عليها نظرة، فيفقدون فرصة لتجنب أخطاء بسيطة لكنها مكلفة.

خذ مثلا مريضا يستخدم دواء الميتفورمين (Metformin) لعلاج السكري. النشرة توضح أنه يجب تناول الدواء بعد الأكل لتجنب الغثيان أو اضطراب المعدة، لكن بعض المرضى يتناولونه على معدة فارغة ثم يشتكون من الألم. الأمر نفسه مع الإيبوبروفين (Ibuprofen)، الذي قد يسبب قرحة المعدة عند استخدامه بشكل مفرط أو على معدة خالية.

الهيئة الأمريكية للغذاء والدواء (FDA) تشدد على أن معظم الآثار الجانبية التي تبلغ عنها المستشفيات يمكن تجنبها لو قرأ المريض النشرة أو التزم بتعليمات الصيدلي. وتشير تقديراتها إلى أن نحو 30% من الأعراض السلبية للأدوية ناتجة عن الاستخدام الخاطئ، وليس عن عيب في الدواء نفسه.

من أمثلة الأدوية المعتمدة من الـFDA التي يخطئ بعض المرضى في استخدامها:

- سيرترالين (Sertraline): مضاد اكتئاب يحتاج لأسابيع ليبدأ مفعوله، لكن البعض يتوقف عنه بعد أيام بحجة «أنه لا يفيد»، فيدخلون في انتكاسة.

- أوميبرازول (Omeprazole): دواء لحرقة المعدة، لكنه لا يستخدم كمسكن فوري، بل يحتاج أياما ليبدأ التأثير.

- ألبوتيرول (Albuterol): موسع للشعب الهوائية، يجب استخدامه وفق تعليمات دقيقة لتجنب التسارع في ضربات القلب.

قراءة النشرة لا تعني أن تفهم كل التفاصيل العلمية فيها، بل أن تلتقط الرسائل الأساسية: متى تأخذ الدواء؟ ما التحذيرات المهمة؟ متى تتوقف وتراجع الطبيب؟ هذه الأسئلة البسيطة كفيلة بأن تجعلك شريكا واعيا في علاجك.

وفي مملكتنا الحبيبة، تعمل الهيئة العامة للغذاء والدواء (SFDA) على ضمان أن كل دواء يتداول في السوق المحلي يحتوي على نشرة واضحة ومعتمدة، مكتوبة بلغة مفهومة للمستهلك. كما تشجع على سؤال الصيدلي عند وجود أي لبس في التعليمات، لأن الصيدلي ليس مجرد بائع دواء، بل مستشار صحي مؤهل.

ومن الجدير بالذكر أن بعض المرضى يلجؤون إلى الإنترنت للبحث عن معلومات حول أدويتهم، فيقعون ضحية لمصادر غير موثوقة. لذلك، ينصح دوما بالاعتماد على المصادر الرسمية مثل مواقع FDA وSFDA، أو بسؤال الطبيب مباشرة بدلا من الاعتماد على تجارب الآخرين.

في النهاية، النشرة الدوائية ليست وثيقة مملة، بل وثيقة أمان. كل سطر فيها كتب بعد تجارب ودراسات ومراجعات دقيقة. تجاهلها يعني أنك تغض الطرف عن جزء من مسؤوليتك تجاه صحتك.

اقرأ النشرة... فهي صوت الدواء الذي يشرح لك كيف يساعدك بأمان.