الدعم السريع.. الشيطنة العابرة للحدود
الأربعاء - 10 ديسمبر 2025
Wed - 10 Dec 2025
الأخبار القادمة من السودان مقززة. منذ وقت ليس من اليوم. صور الشياطين على هيئة بشر متوفرة. شرف الخصومة مفقود، ربما من طرف واحد، أو من الجميع. لا يهم أحد أكثر من السودانيين والسودانيات.
صمت الجميع عن ملف الأزمة السودانية وصراع الأشقاء. حاولت السعودية دفع الولايات المتحدة الأمريكية لحل النزاع. اتضح أن طرفا ما في ذلك الصراع شهوته للدم ما زالت مفتوحة، وربما تحتاج لسنوات حتى تهدأ.
بدأ الصراع السوداني - السوداني في أبريل 2023. ومنذ اندلاعه كانت تفوح منه رائحة نتنة. لا يمكن أن يخال لأحد أن يصل الفجور بالخصومة، إلى حد قتل الأطفال والرجال واغتصاب النساء "لا سيما من هن في سن قاصر"، ويتحول ذلك أسلوبا ممنهجا تكرر ممارسته قوات الدعم السريع.
برأيي، إن التقارير الصادرة عن منظمات دولية وحقوقية، حول الوضع القائم في السودان، والتي في حقيقة الأمر بعضها إن لم يكن جميعها، يشير بأصابع الاتهام لقوات الدعم السريع، تقارير من شأنها هز الضمير الإنساني، لخروج الوضع عن السياق المعقول، أو ما يمكن اعتباره أبجديات النزاعات، هذا إن رضي العالم بالحروب، وتم القبول بها كأمر واقع يصعب تغييره.
والحديث السابق ليس اتهاما بلا أدلة دامغة ضد قوات الدعم السريع. لا بل يستند على حقائق عديدة نشرتها منظمة العفو الدولية، آخرها تقرير كشفت عنه المنظمة مطلع شهر ديسمبر الجاري، أكدت فيه أنها - أي قوات الدعم - أقدمت على القتل المتعمد للمدنيين، واحتجاز الرهائن، ونهب وتدمير مساجد ومدارس وعيادات طبية، خلال هجوم واسع النطاق شنته على مخيم زمزم، أكبر مخيم للنازحين داخليا في ولاية شمال دارفور.
ولم تكتف المنظمة بذلك، بل ساقت روايات نقلتها عن نازحين التقتهم، أكدوا أن البعض منهم تعرض لأعمال من قبل قوات الدعم السريع، ترقى لجرائم حرب، تمثل عديد منها في الاغتصاب والقتل والنهب.
واللافت أن تلك القوات التي يجوز وصفها بالتخريبية، لم تحاول نفي وقائع معينة، ولم تظهر دلائل على صحة روايتها، بل اكتفت برفض عموميات التهم التي اتهمت بها، واستمرت في طغيانها.
أعتقد أنه نظير جهلها السياسي والأخلاقي والإنساني، وقعت في فخ الشواهد، كيف؟ أولا: توثيقات المنظمات الدولية والحقوقية والإنسانية. ثانيا: فشل محاولاتها التقليل من فظائعها ونسف صحة تبريراتها، بالعودة إلى ما شهدته مدينة الفاشر، عاصمة شمال دارفور في أكتوبر الماضي؛ والتي باتت غارقة في وحل واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية، في تاريخ الحرب بالسودان.
ماذا بعد؟ الاستنادات التي بني عليها قرار مكتب مراقبة الأصول الأجنبية في وزارة الخزانة الأمريكية، القاضي بفرض عقوبات على شبكة "عابرة للحدود" تضم 4 أفراد و4 شركات، تجند عسكريين كولومبيين سابقين، وتعمل على تدريب مقاتلين، بينهم أطفال، للقتال ضمن صفوف قوات الدعم السريع.
يبدو أن المشهد الراهن في السودان بحاجة إلى نظرة دولية فاعلة، تتطلب الدخول على خط الأزمة، لإنقاذ ما تبقى من السودانيين، الذين لا يزالون يتنفسون بعضا من الحياة.
صحيح أن الواقعية السياسية تفترض في حال الرغبة بالتدخل لحل نزاع بين أطراف متجانسة على أرض واحدة، كالذي يحدث في السودان، بحاجة إلى حسابات استراتيجية، تكفل حصول الطرف الراغب في حل الصراع على مكاسب معينة. كالنفوذ أو مواطئ القدم أو ثمن معين. وهذا في السياسة معقول.
إنما أعتقد ثمة دوافع يفترض أن تقود العالم الحر، لإيقاف ذلك الصراع، الذي تمارس في إطاره منهجية القتل والتصفيات الميدانية، والتنكيل ونهب المقدرات بدم بارد، ودون إعارة القوانين الدولية أدنى اهتمام.
دون شك إن فقدان البوصلة في السودان، واستمرار الصراع بهذا النمط الوحشي، قد يكونان مبررين لفتح شهية للتطرف والخلايا النائمة، التي قد تجد ضالتها في أرض، اعتمد أحد أطراف صراعها على المرتزقة.
والشواهد التاريخية تؤكد ألا صراعات فتحت أبوابها للقتلة المأجورين، إلا وتحولت إلى كارثة إنسانية بكل المقاييس، وكانت بيئة جاذبة للإرهاب؛ وهنا مكمن الخطر.
أتصور أن حشد المرتزقة من المقاتلين الخارجيين، مقابل حفنة من المال لمواجهة أبناء الجلدة الواحدة، يعد أقذر أشكال النذالة، وعدم المروءة، والابتعاد عن الشهامة والفروسية العربية، التي لا يفهمها مقاتلو كولومبيا، ممن تم استقطابهم لحرق أبناء السودان، وماضيهم، ومستقبلهم عن بكرة أبيه.
إن القدر والتسلسل التاريخي أثبتا بما لا يدع للشك مجالا، بأن كل من يحاول التطاول على أبناء وطنه، سيجد نفسه وفقا للعدالة الإلهية، في موضع محاسبته الدنيوية قبل الآخرة.
الجميع يذكر صدام حسين، ومعمر القذافي، وعلي عبد الله صالح، والفار بشار الأسد، وكثيرا غيرهم. أين هؤلاء، بعد ممارسة عقود الاستبداد والدكتاتورية بحق شعوب دولهم؟ في مزابل التاريخ.
لا مجال للمراوغة، ولا لذر الرماد في العيون. حان الوقت لأن تعي الأطراف التابعة للدعم السريع أن التاريخ لن يرحمها. فهو كفيل بأن يقتص للمغتصبات من النساء والقتلى من الأطفال وكبار السن.
حينها لن تجدي حملات التبريرات المزيفة نفعا، ولا الندم، ولا حتى.. الشيطنة العابرة للحدود.
صمت الجميع عن ملف الأزمة السودانية وصراع الأشقاء. حاولت السعودية دفع الولايات المتحدة الأمريكية لحل النزاع. اتضح أن طرفا ما في ذلك الصراع شهوته للدم ما زالت مفتوحة، وربما تحتاج لسنوات حتى تهدأ.
بدأ الصراع السوداني - السوداني في أبريل 2023. ومنذ اندلاعه كانت تفوح منه رائحة نتنة. لا يمكن أن يخال لأحد أن يصل الفجور بالخصومة، إلى حد قتل الأطفال والرجال واغتصاب النساء "لا سيما من هن في سن قاصر"، ويتحول ذلك أسلوبا ممنهجا تكرر ممارسته قوات الدعم السريع.
برأيي، إن التقارير الصادرة عن منظمات دولية وحقوقية، حول الوضع القائم في السودان، والتي في حقيقة الأمر بعضها إن لم يكن جميعها، يشير بأصابع الاتهام لقوات الدعم السريع، تقارير من شأنها هز الضمير الإنساني، لخروج الوضع عن السياق المعقول، أو ما يمكن اعتباره أبجديات النزاعات، هذا إن رضي العالم بالحروب، وتم القبول بها كأمر واقع يصعب تغييره.
والحديث السابق ليس اتهاما بلا أدلة دامغة ضد قوات الدعم السريع. لا بل يستند على حقائق عديدة نشرتها منظمة العفو الدولية، آخرها تقرير كشفت عنه المنظمة مطلع شهر ديسمبر الجاري، أكدت فيه أنها - أي قوات الدعم - أقدمت على القتل المتعمد للمدنيين، واحتجاز الرهائن، ونهب وتدمير مساجد ومدارس وعيادات طبية، خلال هجوم واسع النطاق شنته على مخيم زمزم، أكبر مخيم للنازحين داخليا في ولاية شمال دارفور.
ولم تكتف المنظمة بذلك، بل ساقت روايات نقلتها عن نازحين التقتهم، أكدوا أن البعض منهم تعرض لأعمال من قبل قوات الدعم السريع، ترقى لجرائم حرب، تمثل عديد منها في الاغتصاب والقتل والنهب.
واللافت أن تلك القوات التي يجوز وصفها بالتخريبية، لم تحاول نفي وقائع معينة، ولم تظهر دلائل على صحة روايتها، بل اكتفت برفض عموميات التهم التي اتهمت بها، واستمرت في طغيانها.
أعتقد أنه نظير جهلها السياسي والأخلاقي والإنساني، وقعت في فخ الشواهد، كيف؟ أولا: توثيقات المنظمات الدولية والحقوقية والإنسانية. ثانيا: فشل محاولاتها التقليل من فظائعها ونسف صحة تبريراتها، بالعودة إلى ما شهدته مدينة الفاشر، عاصمة شمال دارفور في أكتوبر الماضي؛ والتي باتت غارقة في وحل واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية، في تاريخ الحرب بالسودان.
ماذا بعد؟ الاستنادات التي بني عليها قرار مكتب مراقبة الأصول الأجنبية في وزارة الخزانة الأمريكية، القاضي بفرض عقوبات على شبكة "عابرة للحدود" تضم 4 أفراد و4 شركات، تجند عسكريين كولومبيين سابقين، وتعمل على تدريب مقاتلين، بينهم أطفال، للقتال ضمن صفوف قوات الدعم السريع.
يبدو أن المشهد الراهن في السودان بحاجة إلى نظرة دولية فاعلة، تتطلب الدخول على خط الأزمة، لإنقاذ ما تبقى من السودانيين، الذين لا يزالون يتنفسون بعضا من الحياة.
صحيح أن الواقعية السياسية تفترض في حال الرغبة بالتدخل لحل نزاع بين أطراف متجانسة على أرض واحدة، كالذي يحدث في السودان، بحاجة إلى حسابات استراتيجية، تكفل حصول الطرف الراغب في حل الصراع على مكاسب معينة. كالنفوذ أو مواطئ القدم أو ثمن معين. وهذا في السياسة معقول.
إنما أعتقد ثمة دوافع يفترض أن تقود العالم الحر، لإيقاف ذلك الصراع، الذي تمارس في إطاره منهجية القتل والتصفيات الميدانية، والتنكيل ونهب المقدرات بدم بارد، ودون إعارة القوانين الدولية أدنى اهتمام.
دون شك إن فقدان البوصلة في السودان، واستمرار الصراع بهذا النمط الوحشي، قد يكونان مبررين لفتح شهية للتطرف والخلايا النائمة، التي قد تجد ضالتها في أرض، اعتمد أحد أطراف صراعها على المرتزقة.
والشواهد التاريخية تؤكد ألا صراعات فتحت أبوابها للقتلة المأجورين، إلا وتحولت إلى كارثة إنسانية بكل المقاييس، وكانت بيئة جاذبة للإرهاب؛ وهنا مكمن الخطر.
أتصور أن حشد المرتزقة من المقاتلين الخارجيين، مقابل حفنة من المال لمواجهة أبناء الجلدة الواحدة، يعد أقذر أشكال النذالة، وعدم المروءة، والابتعاد عن الشهامة والفروسية العربية، التي لا يفهمها مقاتلو كولومبيا، ممن تم استقطابهم لحرق أبناء السودان، وماضيهم، ومستقبلهم عن بكرة أبيه.
إن القدر والتسلسل التاريخي أثبتا بما لا يدع للشك مجالا، بأن كل من يحاول التطاول على أبناء وطنه، سيجد نفسه وفقا للعدالة الإلهية، في موضع محاسبته الدنيوية قبل الآخرة.
الجميع يذكر صدام حسين، ومعمر القذافي، وعلي عبد الله صالح، والفار بشار الأسد، وكثيرا غيرهم. أين هؤلاء، بعد ممارسة عقود الاستبداد والدكتاتورية بحق شعوب دولهم؟ في مزابل التاريخ.
لا مجال للمراوغة، ولا لذر الرماد في العيون. حان الوقت لأن تعي الأطراف التابعة للدعم السريع أن التاريخ لن يرحمها. فهو كفيل بأن يقتص للمغتصبات من النساء والقتلى من الأطفال وكبار السن.
حينها لن تجدي حملات التبريرات المزيفة نفعا، ولا الندم، ولا حتى.. الشيطنة العابرة للحدود.