عبدالمعين عيد الأغا

السكريون وحساب "الكربوهيدرات"

الثلاثاء - 02 ديسمبر 2025

Tue - 02 Dec 2025

يعتبر حساب "الكربوهيدرات" من الأدوات الفعالة التي تساعد مرضى السكري على إدارة حالتهم بشكل علمي ودقيق، ويقصد بحساب الكربوهيدرات تقدير كمية الكربوهيدرات الموجودة في الطعام والشراب قبل تناوله، سواء كانت من الخبز، الأرز، البطاطس، البقوليات، الفواكه، الحلويات أو المشروبات السكرية، بحيث يمكن ضبط الجرعات المناسبة من الإنسولين أو تنظيم الوجبة بطريقة تحافظ على مستويات السكر ضمن النطاق الطبيعي.

والكربوهيدرات هي المصدر الرئيسي للطاقة في جسم الإنسان، ولكن تناول كميات كبيرة أو غير محسوبة يؤدي إلى ارتفاع مفاجئ في سكر الدم، خاصة عند مرضى السكري الذين لا تستطيع أجسامهم إفراز الإنسولين بكفاءة، لذلك يعد فهم نوع الكربوهيدرات وأثرها على الجسم أمرا بالغ الأهمية، وتقسم الكربوهيدرات إلى نوعين رئيسيين: البسيطة والمعقدة، فالكربوهيدرات البسيطة تحتوي على سكر سريع الامتصاص، مثل السكر الأبيض والعسل والفواكه، بينما الكربوهيدرات المعقدة تحتوي على سلاسل أطول من السكر وتوجد في الحبوب الكاملة والبقوليات والخضراوات النشوية، وتختلف هذه الأنواع في كيفية تأثيرها على مستويات السكر في الدم وسرعة امتصاصها.

وحساب الكربوهيدرات لا يقتصر على مرضى السكري من النوع الأول الذين يعتمدون على الإنسولين بشكل يومي، بل يشمل أيضا مرضى النوع الثاني، خصوصا الذين يحتاجون للسيطرة على سكر الدم من خلال العلاج الدوائي والنظام الغذائي، إذ إن المرضى الذين يلتزمون بحساب الكربوهيدرات بشكل منتظم يتمتعون بانخفاض التقلبات الحادة في مستويات السكر، ويحافظون على الاستجابة المثلى للإنسولين ويقل لديهم خطر المضاعفات على المدى الطويل.

وبالنسبة للأفراد المصابين بالسكري والذين يتناولون الطعام في المطاعم أو خارج المنزل في كثير من الأحيان فينصحون باتباع استراتيجيات عملية، منها تقدير حجم الحصة قبل البدء في تناول الطعام، اختيار الأطعمة المشوية أو المطهوة على البخار بدلا من المقلية أو المضاف إليها صلصات غنية بالدهون أو السكر، التركيز على أطباق الخضراوات الطازجة والألياف لتقليل سرعة امتصاص الكربوهيدرات، ضرورة مراعاة مكونات الأطباق لتقدير كمية الكربوهيدرات بدقة.

وما يجب أن يدركه الجميع هو أنه عند تناول أطعمة تحتوي على الكربوهيدرات يقوم الجهاز الهضمي بتحليل السكر والنشويات إلى سكر الجلوكوز، ويدخل الجلوكوز من خلال القناة الهضمية إلى الدم، ويؤدي ذلك إلى ارتفاع نسبة سكر الدم، مما يزيد من إفراز هرمون الإنسولين الذي يساعد خلايا الجسم على امتصاص الجلوكوز لإنتاج الطاقة، ويمهد ذلك لانخفاض سكر الدم، ولكن هذه العملية لا تتم كما ينبغي عند مرضى السكري، بينما تساعد طريقة حساب الكربوهيدرات على إبقاء نسبة سكر الدم قريبة للحد الطبيعي، مما يساعد على البقاء بصحة جيدة لفترة أطول، ويقي من المضاعفات المرتبطة بمرض السكري.

وإلى جانب حساب "الكربوهيدرات" يلعب النشاط البدني المنتظم دورا مهما في تحسين استجابة الجسم للإنسولين، وخفض مستويات السكر في الدم بعد الوجبات، إذ ينصح بممارسة المشي أو التمارين المعتدلة يوميا لمدة لا تقل عن 30 دقيقة، كما يمكن تضمين تمارين المقاومة لتحفيز العضلات على استخدام الجلوكوز بفعالية أكبر.

ولتحقيق أفضل تحكم في مستويات السكر، ينصح مرضى السكري باتباع مجموعة من الإرشادات العامة، تشمل تناول ثلاث وجبات رئيسية متوازنة مع وجبات خفيفة صحية عند الحاجة، الالتزام بمراقبة سكر الدم بصورة منتظمة لتقييم تأثير الطعام والنشاط البدني على مستويات السكر، تجنب المشروبات الغازية والمحلاة والحلويات المصنعة قدر الإمكان، زيادة تناول الخضراوات والفواكه غير السكرية والأطعمة الغنية بالألياف، استشارة أخصائي التغذية أو الطبيب المعالج عند الرغبة في تعديل النظام الغذائي أو خطة العلاج.

الخلاصة: يمثل حساب الكربوهيدرات أداة علمية عملية تمنح مرضى السكري القدرة على فهم غذائهم والسيطرة على مستويات السكر في الدم، فهو ليس مجرد وسيلة لضبط الحصص الغذائية، بل أيضا طريقة للعيش بحرية أكبر مع المرض، وتقليل خطر المضاعفات الصحية على المدى الطويل، وتحسين جودة الحياة بشكل عام، فالتزام المرضى بهذه الاستراتيجيات إلى جانب النشاط البدني والالتزام بالعلاج يجعلهم أكثر قدرة على التحكم بمرضهم بفاعلية وأمان، وأدام الله نعمة الصحة والعافية على الجميع.