زكية علي… خيوط الذهب والفضة التي نسجت إرث البحرين
الأربعاء - 26 نوفمبر 2025
Wed - 26 Nov 2025
في جناح وزارة الثقافة البحرينية داخل الأسبوع السعودي الدولي للحرف اليدوية “بنان”، تتلألأ قطع دقيقة ولامعة تجذب أنظار الزوار قبل أن يعرفوا قصتها، إنها أعمال زكية علي، الحرفية البحرينية التي كرسّت أكثر من 29 عامًا من حياتها لحرفة “النقدة”، ذلك الفن التراثي العريق الذي يحول أسلاك الفضة وأسلاك الفضة المطلية بماء الذهب إلى زخارف رفيعة تنسج تاريخ الخليج على الأقمشة.
تعلّمت زكية النقدة على يد والدتها، كما تعلّمت نساء البحرين قديمًا، حين كانت هذه الحرفة جزءًا أصيلًا من جماليات الثوب الشعبي والسراويل التقليدية ومشمر العروس، كانت النقدة تزدان بها ملابس المناسبات، وتحكي عبر خيوطها المعدنية قصص الفرح والزينة والذاكرة.
ومع تطور الزمن، لم تنقرض الحرفة كما حدث لكثير من الصناعات التقليدية، بل وجدت لنفسها مساحة جديدة في العصر الحديث، توضح زكية بفخر أن النقدة اليوم تُستخدم في العباءات والشيلات، وفي إكسسوارات المنازل، وفي تصميمات تمزج بين الأصالة والحداثة دون أن تفقد روحها.
لكن قصة زكية تمتد أبعد من حياكة الخيوط؛ فهي حاملة رسالة، ومدربة حرصت على نقل الحرفة إلى أجيال جديدة داخل البحرين وخارجها، درّبت فتيات في دول بعيدة مثل الصين والمغرب وفرنسا ومصر وبريطانيا، ما جعل النقدة البحرينية تجوب العالم وتُعرَف كفنٍ يستحق التقدير والاحتفاء، وكان من أجمل محطات رحلتها حصولها على جائزة أفضل منتج من قرينة جلالة ملك البحرين عام 2008، لحرفة حافظت عليها بإخلاص وبراعة.
وتتوقف زكية قليلًا قبل أن تضيف بابتسامة حقيقية:
"أجمل إنجاز بالنسبة لي هو البنات اللي دربتهم في السعودية من خلال جمعية عطاء الخير... اليوم بعضهم صاروا حرفيات محترفات ومدربات، وأشوف بعضهم مشاركات معنا في (بنان) هذا فرح ما يوصف."
وفي حضورها في الرياض ضمن فعالية “بنان”، الذي تنظمه هيئة التراث، تبدو زكية علي وكأنها تجمع خيوط الماضي والحاضر بيد واحدة، وتحكي قصة امرأة خليجية حملت تراثها عبر الحدود، ووقفت لتشهد ثمرة جهدها حيّة أمام عينيها في جناح يتشارك فيه الحرفيون من كل دول العالم.