خالد أبو علياء… فنانٌ يشعل روح الأردن من “أسلاك مهملة” وأحجار تولد حكايات

الأحد - 23 نوفمبر 2025

Sun - 23 Nov 2025

في الركن الأردني داخل “بنان”، يجذب الفنان الحرفي خالد أبو علياء أنظار الزائرين بقطع غير مألوفة تجمع بين الأسلاك المعاد تدويرها وأحجار طبيعية مستخرجة من مختلف مناطق الأردن. يقف خلف مساحة عرضه الصغيرة كمن يحرس مجموعة من الحكايات المصنوعة باليد والخيال، ويشرح للزوّار كيف استطاع تحويل سلك الكهرباء المهمل إلى عمل فني يكتسب قيمته من ارتباطه بالهوية الجبلية والصخرية للأردن.

يقول خالد إن حرفته تقوم على “السلك والحجر”، حيث يعيد تدوير أسلاك الكهرباء ويحوّلها إلى أشكال فنية ملتفة ومرتبطة بأحجار طبيعية مختارة بعناية، ويضيف: “إحنا بنستعمل الحجارة علشان ندي القطعة قيمة... ومن كل حجر بتطلع فكرة مختلفة”. الأحجار التي يعمل عليها ليست نوعاً واحداً، بل مجموعة واسعة تضم حجر القمر، وحجر الستريم، وأصناف من الكوارتز الأردني، وأحجاراً أخرى تأتي من شمال الأردن وجنوبه، وكل منها يحمل لوناً وطبيعة وتركيباً يفرض على القطعة مسارها الخاص.

يوضح خالد أن عملية الإبداع لا تأتي من مخطط جاهز، بل تنشأ أثناء العمل نفسه، قائلاً: “الفكرة بتجيلك وإنت شغال... في قطعة بتكمل في يوم، وفي قطع ممكن تاخدأكتر حسب الحجر والسلك وطول الشغل”. وهذا الاندماج بين العفوية والدقة هو ما يمنح أعماله طابعها المختلف، إذ تبدو القطعة وكأنها نتاج حوار هادئ بين الفنان والمادة.

ويرى خالد أن هذه الحرفة لا تشترط أن يكون صاحبها مصمماً محترفاً؛ فالمهم هو الحس الفني والرغبة في الابتكار، بينما يأتي الشكل النهائي نتيجة الممارسة وتطويع الخامة. وهو عضو في “جمعية صُنّاع الحرف الأردنية” في عمّان، ويعتبر مشاركته داخل الركن الأردني في “بنان” مساحة مهمة لعرض الحرفة أمام جمهور واسع والتعريف بالمواد الطبيعية الأردنية التي لا تزال تُستخدم في الفنون اليدوية.

ويؤكد أن وجوده للعام الثالث على التوالي داخل “بنان” يمثل له فرصة حقيقية لإيصال هذا النوع من الفنون إلى زوّار يبحثون عن شيء مختلف، مشيراً إلى أن الكثيرين يفاجَأون بالطريقة التي تتحوّل بها الأسلاك العادية إلى قطع تحمل روح الجبل وتضاريس الصخر.

هكذا يقدّم خالد أبو علياء نموذجاً لحرفي يرى في مواد بسيطة إمكانات لا تنتهي، ويحوّل ما يبدو عادياً إلى منحوتات صغيرة تحكي ملامح الأردن، وتضيف إلى الركن الأردني في “بنان” طبقة إضافية من الجمال والابتكار.