هديل الصبيحي.. من الألياف تبدأ الحكاية

الخميس - 20 نوفمبر 2025

Thu - 20 Nov 2025

من طفلة تراقب جدّتها وهي تصنع أطباق القش، إلى باحثة ومدرّبة تُعيد إحياء خامات مهددة بالاختفاء... هكذا تشكّلت ملامح حكاية هديل الصبيحي. تعلّمت وهي صغيرة حركة اليد، تحفظ اللون، وتلتقط أسرار الخامة، ثم تكبر لتُكمل الطريق بأسلوبها الخاص، حاملةً معها ذاكرة ممتدة بين الأجيال.

تظهر اليوم في الأسبوع السعودي الدولي للحرف اليدوية "بَنان" بوصفها أحد الوجوه التي تعمل على حرفة تستند إلى تاريخ طويل. تتعامل هديل مع القش والسعفيات والألياف النباتية كما لو أنها لغة تعرفها منذ طفولتها الأولى؛ تصنع منها قطعاً تُشبه الأرض التي جاءت منها... وتُشبه الناس الذين يحملونها بفخر.

عام 2022م، نالت جائزة سمو الأميرة سبيكة آل خليفة للابتكار والإبداع في البحرين عن أفضل منتج عربي، بعد أن طوّرت تقنية لاستخراج خيوط ليفية من أشجار الموز وتحويلها إلى منتجات متقنة تحافظ على أصالة الخامة وتُبرز جمالها الطبيعي.

وفي كل عمل تقدّمه، تتجلى فلسفتها بوضوح: استدامة الحرفة تبدأ من الإنسان نفسه. ولذلك تركز على تدريب سيدات المجتمع وتمكينهن من اكتساب مهارات تمنحهن مصدر دخل ثابت، وتضمن بقاء هذا الإرث حيًا، خصوصًا في وقت تقف فيه بعض الخامات على حافة الاندثار.

الأردن غنيّ بعشر خامات طبيعية ذات امتداد تاريخي، منها ألياف الموز، وسعف النخيل، وقشور الذرة، وقش القمح. وعلى يد هديل تتحول هذه الخامات إلى مرايا وحقائب ومعلّقات وبسط عربية من الصوف الطبيعي، مع دمج مدروس يمنح كل قطعة قيمة فنية ووظيفية وهوية لا تشبه غيرها.

ولأن التراث يعرف طرق التلاقي بين الثقافات، جمعت هديل في بعض أعمالها بين الزي الأردني والزي السعودي، في إشارة بسيطة إلى قدرة الحرفة على خلق جسور ممتدة بين الشعوب.

هديل تؤمن بأن الحرفة ليست مجرد منتج؛ هي ذاكرة تُصان، ومهارة تُنقل، وفرصة حياة تُمنح لمن يقرر أن يبدأ من خيط صغير ويُكمل الطريق.

و "بَنان" الذي تنظمه هيئة التراث يقدّم منصة لهذا النوع من التجارب، عبر تسليط الضوء على الحِرف اليدوية ودعم وتمكين الحرفيين، وإبراز العادات والتقاليد السعودية، والتعريف بالتراث الثقافي الغني للمملكة، وتطويره ونقله للأجيال القادمة، وفتح المجال لعرض الإبداع المتجذّر في الذاكرة والبيئة.