السعودية وصناعة التحولات الكبرى... من حكمة الملك المؤسس إلى نفوذ ولي العهد العالمي
الخميس - 20 نوفمبر 2025
Thu - 20 Nov 2025
منذ أن خطت المملكة أولى خطواتها على الساحة الدولية في عهد الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه - والعالم يتعامل مع الرياض بوصفها قوة صاعدة تملك من الحكمة والاتزان ما يجعل حضورها عامل استقرار إقليمي ودولي.
وعلى امتداد العقود، لم تكن العلاقة السعودية-الأمريكية مجرد تواصل بين دولتين، بل مسار مستمر من التأثير المتبادل الذي ساهم ويساهم في تشكيل كثير من الأحداث المفصلية يؤثر في مسارها ويتحكم في نتائجها في القرن العشرين وما بعده.
كانت البداية عام 1945 حين التقى الملك عبدالعزيز بالرئيس روزفلت على متن البارجة "كوينسي". لقاء وصفه المؤرخون بأنه نقطة تحول صنعت تحالفا طويل المدى، وأسست لشراكة كبرى بين دولتين ستؤثران سويا في مستقبل المنطقة، وكان نقطة انطلاق لفهم واضح وجلي لمشكلة فلسطين، حيث استطاع الملك عبدالعزيز رحمه الله إيضاح حقوق الشعب الفلسطيني وبطلان الادعاءات الإسرائيلية بوعي القائد العربي والإسلامي الأصيل والحكيم في تلك اللحظة، أدرك العالم أن المملكة دولة ولدت لتقود، وأن صوتها سيبقى حاضرا في كل معادلة تخص الشرق الأوسط.
وبعد سنوات، جاء الملك سعود - رحمه الله - ليعزز هذا الدور في فترة من أكثر المراحل حساسية. فحين وقع العدوان الثلاثي على مصر عام 1956، حمل الملك سعود هم الأمة العربية، وتوجه إلى الولايات المتحدة في زيارة تاريخية قوبل خلالها باستقبال استثنائي يعكس إدراك واشنطن لمكانة المملكة وقدرتها على موازنة الأحداث وإطفاء نيران الصراع. تلك الزيارة أكدت أن الرياض أصبحت محور قرار عربي لا يمكن تجاوزه. كما كشفت عن أن بعض الأطراف التي كانت تدعي الصداقة أخفت في داخلها حسدا وعداء لمكانة المملكة المتنامية، وظهرت وجوهها الحقيقية بعدما أدركت حجم الحفاوة والاحترام الذي لقيه الملك سعود. ورغم ذلك، ظلت المملكة ثابتة على مواقفها، تقدم الدعم لمن يحتاجه دون انتظار جزاء ولا شكورا.
ثم جاء عصر الملك فيصل - رحمه الله - الذي نقل الحضور السعودي إلى مستوى آخر من التأثير العالمي. فقد شكل موقفه في أزمة النفط عام 1973 حدثا تاريخيا أعاد تشكيل العلاقات بين الشرق والغرب، وأثبت أن السعودية تمتلك من القوة ما يجعل قراراتها تغير اتجاه الاقتصاد العالمي بأكمله. ولم يقتصر دوره على النفط، بل شمل دعم القضية الفلسطينية ومواجهة التحديات الإقليمية بثبات ورؤية.
وتوالت المراحل، فجاء عهد الملك فهد - رحمه الله - ليشهد تعاونا غير مسبوق مع الولايات المتحدة أثناء تحرير الكويت عام 1991، حين كانت المملكة الركيزة الأساسية في بناء التحالف الدولي واستعادة الأمن للخليج. ثم جاء عهد الملك عبدالله - رحمه الله - ليعمق التعاون الأمني في مكافحة الإرهاب، ويعيد ترتيب العلاقات الإقليمية والدولية بما يخدم استقرار المنطقة.
وفي عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله - دخلت المملكة مرحلة جديدة من التعزيز الاستراتيجي. فقد رسخ الملك سلمان قوة المملكة الإقليمية، وأعاد صياغة تحالفاتها، وفتح الباب لتحولات اقتصادية واسعة عبر دعم رؤية 2030. كما رسخ حضورا دوليا قويا في مختلف الملفات، وواجه التحديات الإقليمية بثبات عزز مكانة الرياض مرجعا سياسيا واقتصاديا للعالم العربي والإسلامي.
وفي هذا السياق التاريخي المتصل، برز دور ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بوصفه أحد أكثر القادة تأثيرا على الساحة الدولية في العصر الحديث.
فقد أعاد رسم مفهوم النفوذ السعودي، ونقله من تأثير إقليمي إلى حضور عالمي متعدد المسارات. وفي السياسة الدولية، أصبح اسم المملكة حاضرا في كل نقاش يتعلق بالطاقة والأمن والتنمية والتحول الاقتصادي. وساهم سموه في تحقيق توازنات سياسية دقيقة على مستوى الشرق الأوسط والخليج والعالم الإسلامي، فجمعت الرياض تحت قيادته بين القوة والاتزان، وبين المبادرة والقدرة على الوصول إلى حلول تنهي الصراعات أو تحد من تصاعدها، بل لم تكن المملكة العربية السعودية وقيادتها دعاة السلم وقادة السلام والسياسة والاقتصاد فقط بل لهم من القوة العسكرية ما يجعلهم قوة ردع ودفاع وحزم ضد أي عدو أو تهديد خارجي يحيط بحدودها ومقدراتها.
ويشهد كل مراقب منصف أن ولي العهد استعاد بوضوح القضية الفلسطينية إلى مركز التأثير الدولي، وأثبت في كل المحافل أن المملكة ثابتة في دعم حقوق الشعب الفلسطيني التاريخية، حريصة على أمنه وكرامته، رافضة لكل محاولات تهميشه أو تجاوزه. كما لعب دورا فاعلا في احتواء النزاعات العسكرية ومحاولة إيجاد قنوات للحوار، سواء في اليمن أو السودان أو غزة أو غيرها من الساحات الملتهبة، حيث سعت المملكة دائما لإطفاء الحرائق لا إشعالها، ولجمع الأطراف لا تفريقها.
ودور الأمير محمد بن سلمان لم يقتصر على ذلك، بل امتد أيضا إلى رئاسته لقمة مجموعة العشرين، وقبلها وبعدها، حيث كرست رئاسة المملكة لمجموعة العشرين جهودها لبناء عالم أقوى وأكثر متانة واستدامة. ويتوازى ذلك مع ما تشهده المملكة من تحول اقتصادي واجتماعي كبير، مسترشدين فيه برؤية المملكة 2030 التي تهدف إلى ضمان تمكن جميع مواطنينا، وخاصة النساء والشباب، من اغتنام فرص القرن الحادي والعشرين.
وبالتوازي مع هذا الدور السياسي، انطلقت رؤية 2030 بقيادة سموه لتكون مشروعا يعيد رسم مستقبل الاقتصاد السعودي والعالمي. شراكات استراتيجية، استثمارات مالية وتقنية، مشروعات عملاقة، وملفات طاقة جديدة تنقل المملكة إلى قلب التحول الاقتصادي العالمي. ولم يكن من المستغرب أن تتعامل القوى الدولية مع ولي العهد باعتباره مهندس مرحلة جديدة تتجاوز الشرق الأوسط نحو تأثير عالمي أشمل.
واليوم، تأتي زيارة الأمير محمد بن سلمان للولايات المتحدة امتدادا لهذا التاريخ الطويل من الشراكات واللحظات المفصلية، لكنها تأتي أيضا في ظرف عالمي حساس يبحث عن قادة قادرين على إعادة التوازن وترميم ما تهدم من الاستقرار الدولي. والعالم يدرك - كما يدرك التاريخ - أن المملكة حين تتقدم للمشهد فإن مسار الأحداث يتغير، وأن الحكمة السعودية حين تستحضر تطفئ صراعا أو تبني سلاما.
وهكذا، من الملك المؤسس إلى ولي العهد، ظلت المملكة تصنع التحولات الكبرى، وتبقى الرياض العاصمة التي يراقب العالم خطواتها لأنها غالبا ما تحدد اتجاه المرحلة المقبلة... وما سيأتي قد يكون بداية فصل جديد من حضور سعودي يصنع توازنا عالميا يحتاجه الجميع.
وعلى امتداد العقود، لم تكن العلاقة السعودية-الأمريكية مجرد تواصل بين دولتين، بل مسار مستمر من التأثير المتبادل الذي ساهم ويساهم في تشكيل كثير من الأحداث المفصلية يؤثر في مسارها ويتحكم في نتائجها في القرن العشرين وما بعده.
كانت البداية عام 1945 حين التقى الملك عبدالعزيز بالرئيس روزفلت على متن البارجة "كوينسي". لقاء وصفه المؤرخون بأنه نقطة تحول صنعت تحالفا طويل المدى، وأسست لشراكة كبرى بين دولتين ستؤثران سويا في مستقبل المنطقة، وكان نقطة انطلاق لفهم واضح وجلي لمشكلة فلسطين، حيث استطاع الملك عبدالعزيز رحمه الله إيضاح حقوق الشعب الفلسطيني وبطلان الادعاءات الإسرائيلية بوعي القائد العربي والإسلامي الأصيل والحكيم في تلك اللحظة، أدرك العالم أن المملكة دولة ولدت لتقود، وأن صوتها سيبقى حاضرا في كل معادلة تخص الشرق الأوسط.
وبعد سنوات، جاء الملك سعود - رحمه الله - ليعزز هذا الدور في فترة من أكثر المراحل حساسية. فحين وقع العدوان الثلاثي على مصر عام 1956، حمل الملك سعود هم الأمة العربية، وتوجه إلى الولايات المتحدة في زيارة تاريخية قوبل خلالها باستقبال استثنائي يعكس إدراك واشنطن لمكانة المملكة وقدرتها على موازنة الأحداث وإطفاء نيران الصراع. تلك الزيارة أكدت أن الرياض أصبحت محور قرار عربي لا يمكن تجاوزه. كما كشفت عن أن بعض الأطراف التي كانت تدعي الصداقة أخفت في داخلها حسدا وعداء لمكانة المملكة المتنامية، وظهرت وجوهها الحقيقية بعدما أدركت حجم الحفاوة والاحترام الذي لقيه الملك سعود. ورغم ذلك، ظلت المملكة ثابتة على مواقفها، تقدم الدعم لمن يحتاجه دون انتظار جزاء ولا شكورا.
ثم جاء عصر الملك فيصل - رحمه الله - الذي نقل الحضور السعودي إلى مستوى آخر من التأثير العالمي. فقد شكل موقفه في أزمة النفط عام 1973 حدثا تاريخيا أعاد تشكيل العلاقات بين الشرق والغرب، وأثبت أن السعودية تمتلك من القوة ما يجعل قراراتها تغير اتجاه الاقتصاد العالمي بأكمله. ولم يقتصر دوره على النفط، بل شمل دعم القضية الفلسطينية ومواجهة التحديات الإقليمية بثبات ورؤية.
وتوالت المراحل، فجاء عهد الملك فهد - رحمه الله - ليشهد تعاونا غير مسبوق مع الولايات المتحدة أثناء تحرير الكويت عام 1991، حين كانت المملكة الركيزة الأساسية في بناء التحالف الدولي واستعادة الأمن للخليج. ثم جاء عهد الملك عبدالله - رحمه الله - ليعمق التعاون الأمني في مكافحة الإرهاب، ويعيد ترتيب العلاقات الإقليمية والدولية بما يخدم استقرار المنطقة.
وفي عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله - دخلت المملكة مرحلة جديدة من التعزيز الاستراتيجي. فقد رسخ الملك سلمان قوة المملكة الإقليمية، وأعاد صياغة تحالفاتها، وفتح الباب لتحولات اقتصادية واسعة عبر دعم رؤية 2030. كما رسخ حضورا دوليا قويا في مختلف الملفات، وواجه التحديات الإقليمية بثبات عزز مكانة الرياض مرجعا سياسيا واقتصاديا للعالم العربي والإسلامي.
وفي هذا السياق التاريخي المتصل، برز دور ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بوصفه أحد أكثر القادة تأثيرا على الساحة الدولية في العصر الحديث.
فقد أعاد رسم مفهوم النفوذ السعودي، ونقله من تأثير إقليمي إلى حضور عالمي متعدد المسارات. وفي السياسة الدولية، أصبح اسم المملكة حاضرا في كل نقاش يتعلق بالطاقة والأمن والتنمية والتحول الاقتصادي. وساهم سموه في تحقيق توازنات سياسية دقيقة على مستوى الشرق الأوسط والخليج والعالم الإسلامي، فجمعت الرياض تحت قيادته بين القوة والاتزان، وبين المبادرة والقدرة على الوصول إلى حلول تنهي الصراعات أو تحد من تصاعدها، بل لم تكن المملكة العربية السعودية وقيادتها دعاة السلم وقادة السلام والسياسة والاقتصاد فقط بل لهم من القوة العسكرية ما يجعلهم قوة ردع ودفاع وحزم ضد أي عدو أو تهديد خارجي يحيط بحدودها ومقدراتها.
ويشهد كل مراقب منصف أن ولي العهد استعاد بوضوح القضية الفلسطينية إلى مركز التأثير الدولي، وأثبت في كل المحافل أن المملكة ثابتة في دعم حقوق الشعب الفلسطيني التاريخية، حريصة على أمنه وكرامته، رافضة لكل محاولات تهميشه أو تجاوزه. كما لعب دورا فاعلا في احتواء النزاعات العسكرية ومحاولة إيجاد قنوات للحوار، سواء في اليمن أو السودان أو غزة أو غيرها من الساحات الملتهبة، حيث سعت المملكة دائما لإطفاء الحرائق لا إشعالها، ولجمع الأطراف لا تفريقها.
ودور الأمير محمد بن سلمان لم يقتصر على ذلك، بل امتد أيضا إلى رئاسته لقمة مجموعة العشرين، وقبلها وبعدها، حيث كرست رئاسة المملكة لمجموعة العشرين جهودها لبناء عالم أقوى وأكثر متانة واستدامة. ويتوازى ذلك مع ما تشهده المملكة من تحول اقتصادي واجتماعي كبير، مسترشدين فيه برؤية المملكة 2030 التي تهدف إلى ضمان تمكن جميع مواطنينا، وخاصة النساء والشباب، من اغتنام فرص القرن الحادي والعشرين.
وبالتوازي مع هذا الدور السياسي، انطلقت رؤية 2030 بقيادة سموه لتكون مشروعا يعيد رسم مستقبل الاقتصاد السعودي والعالمي. شراكات استراتيجية، استثمارات مالية وتقنية، مشروعات عملاقة، وملفات طاقة جديدة تنقل المملكة إلى قلب التحول الاقتصادي العالمي. ولم يكن من المستغرب أن تتعامل القوى الدولية مع ولي العهد باعتباره مهندس مرحلة جديدة تتجاوز الشرق الأوسط نحو تأثير عالمي أشمل.
واليوم، تأتي زيارة الأمير محمد بن سلمان للولايات المتحدة امتدادا لهذا التاريخ الطويل من الشراكات واللحظات المفصلية، لكنها تأتي أيضا في ظرف عالمي حساس يبحث عن قادة قادرين على إعادة التوازن وترميم ما تهدم من الاستقرار الدولي. والعالم يدرك - كما يدرك التاريخ - أن المملكة حين تتقدم للمشهد فإن مسار الأحداث يتغير، وأن الحكمة السعودية حين تستحضر تطفئ صراعا أو تبني سلاما.
وهكذا، من الملك المؤسس إلى ولي العهد، ظلت المملكة تصنع التحولات الكبرى، وتبقى الرياض العاصمة التي يراقب العالم خطواتها لأنها غالبا ما تحدد اتجاه المرحلة المقبلة... وما سيأتي قد يكون بداية فصل جديد من حضور سعودي يصنع توازنا عالميا يحتاجه الجميع.