شاهر النهاري

الشعب السعودي برمته مدعو لزيارة مفصلية

الأحد - 16 نوفمبر 2025

Sun - 16 Nov 2025



تأتي زيارة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، إلى الولايات المتحدة الأمريكية، في لحظة تتشابك فيها المتغيرات العالمية مع الثوابت الوطنية، بنوايا مجد تجسد عمق العلاقة التي تربط الرياض وواشنطن منذ عقود، وتعيد رسمها بلغة جديدة تناسب الظرف والزمان.

زيارة ليست مجرد محطة بروتوكولية على خريطة الدبلوماسية، حيث تأتي لصيانة وتجديد عهد طويل من الشراكة الاستراتيجية، تتجاوز حدود المصالح الآنية، لتصنع ركيزة من الاستقرار السياسي والاقتصادي في أجزاء كبيرة من العالم.

فمنذ اللقاء التاريخي الذي جمع الملك عبدالعزيز بالرئيس روزفلت، ظلت العلاقات السعودية - الأمريكية تتجدد وتتكامل مع كل جيل، لتبلغ اليوم مرحلة نضج مختلفة، عنوانها: الاحترام المتبادل والعمل الدقيق القائم على النتائج، وصنع السلام، والتوازن بين الصداقة والمصالح المشتركة.

الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في ولايته الثانية يعيد ترتيب الأوراق الأمريكية داخليا وخارجيا.

ومع هذا التبدل في السياسة الأمريكية، تأتي المملكة بثقة القائد الشاب القادر لتثبت الأهمية والمكانة وتقديم المصلحة الوطنية على سائر الحدود.

ولي العهد السعودي لا يحمل معه مجرد ملفات، بل يحمل مشروع أمة سعودية تسعى إلى قمم التقدم والسلام والحرية والتمكين، والتنوع، والتأثير والاستقرار على المستوى الإقليمي والعالمي.

الزيارة في جوهرها تأكيد على أن الشراكة السعودية صيغة متجذرة في قيمة الذات، متمكنة في خوض التجربة السياسية والاقتصادية الحديثة بكل أدواتها ورؤاها، وبناء على المستجدات في عالم من العلوم والتقنيات يتحرك ويتطور ويسمح للعقول والإمكانيات أن ترتقي لمكانتها المستحقة.

إنها علاقة قادرة على مد الجسور واستيعاب الخلاف، وبناء التفاهم بين الأقطاب، والمحافظة على الثقة المتبادلة بين دولتين تعرفان قيمة الكلمة والاحترام المتبادل، ووزن الصور والالتزام.

الشعب السعودي يرى في هذه الزيارة وجهه الدبلوماسي المتقدم، وفي ولي عهده صوتا واثقا يحمل طموح أجيال متكاملة، فكأن كل سعودي مدعو لهذه الزيارة، يستضافون، يناقشون، ويهتمون بكل صغيرة وكبيرة فيها، وبشكل شخصي يعبر عن مكنونهم.

إنها زيارة لا تقف عند حدود التعاقدات الاقتصادية أو التفاهمات الأمنية، بل تتجاوزها إلى بناء نموذج عالمي موثوق لعلاقات دبلوماسية فكرية علمية أخلاقية تقوم على الوضوح، والجودة، والتقدير والالتزام بالتعهدات.

كل فرد سعودي سيرتدي جماليات الحضور، ويبادر بالابتسام، ويشيد وينتقد، ويثير الدهشة، ويطرح الملاحظة، ويقول ويستدرك، في عالم تتصارع فيه التحولات.

تذهب المملكة بكل ثقلها لتقول للعالم إن الثبات لا يعني الجمود، وإن الفروق لا تعني الميل، وإن التجدد لا يعني الانزياح عن روح المبادئ الإنسانية الوثيقة.

فالسعودية اليوم تمضي في طريق رؤية متزن يوازن بين الطموح الوطني والمصالح الدولية، واستقرار ورخاء الشعب، وتسعى لتكون صوت الحكمة والقوة معا في عالم لم يعد يعترف إلا بمن يصنع الفعل لا بمن يصفه، أو يدعيه على مواقع التواصل.

زيارة ليست خاتمة مرحلة، ولا بدايتها، بل تجدد صفحة عريقة راسخة في سجل العلاقات بين البلدين، تكتب بحروف من الثقة، وتقرأ بلغة المستقبل، لتؤكد أن الشراكة القديمة لا تزال فتية، وأن الرؤية الجديدة لا تبنى إلا على الوضوح والوفاء.

كلنا مدعوون للزيارة معنويا وشعوريا، ولو أننا نثق بأن من ينوب عنا فيها، ملهم، سيرفع رؤوسنا عاليا، ويثبت أقدامنا، وينظر بعين الوعي والمحبة والسلام، لجميع التفاصيل، كما كنا سنفعل لو حضرنا سويا معه.