بندر عبدالعزيز المنقور

من الصف إلى السوق: لماذا لا يجد الخريجون وظائف بسهولة؟

الاثنين - 27 أكتوبر 2025

Mon - 27 Oct 2025


تخرج جامعاتنا سنويا الآلاف من الطلاب الجاهزين لسوق العمل، ولكن نسمع دائما من الطلاب والأهالي صعوبة الحصول على وظيفة، وهي ظاهرة أصبحت مقلقة ولكنها تمثل تحديا بالوقت نفسه. من الواضح أن هناك فجوة ملموسة بين ما يتعلمه الطلاب وما يطلبه السوق، أي علاقة المناهج بسوق العمل والمتطلبات الوطنية. فالكثير من المناهج نظرية ولا تواكب التغيرات السريعة في سوق العمل، وهناك نقص ملحوظ في التدريب العملي والمهني والتعرض للتجارب الواقعية أثناء الدراسة، وغالبا لا يوجد تنسيق بين الجامعات والقطاع الخاص.

لدينا كذلك تشبع في بعض التخصصات التقليدية وغير المطلوبة في السوق بشكل واسع، بينما يوجد شح في تخصصات تقنية، مثل: الذكاء الاصطناعي، والطاقة المتجددة، والتخصصات الصحية والطبية.

كذلك أغلب أصحاب العمل من القطاع الخاص والعام يفضلون من لديه خبرة وتجربة عملية سابقة ولو قليلة، بينما في المقابل يفتقر الكثير من الخريجين الجدد للخبرة أو المهارات الناعمة، مثل: مهارات التواصل، والقدرة على العمل ضمن فريق، وحل المشكلات، وإن كان التدريب التعاوني (الصيفي) غير جاد بالغالب ولا يعكس بيئة العمل الحقيقية، فصاحب العمل ليس حريصا على تعليم الطالب لأن فترة عمله مؤقتة، والكثير من الطلاب ليس لديه الحافز على التعلم أو حس المبادرة.

المعضلة الأخرى أن بعض الخريجين يبحثون عن وظائف برواتب عالية أو مستقرة، في حين أن البداية قد تكون صعبة عند البعض، وتتطلب الصبر والمرونة، وأن لا تنتظر الوظيفة تصلك وتطرق الباب. كما أن سوق العمل يتغير بشكل سريع بسبب ظهور التقنيات الحديثة، وقلة الاعتماد على بعض الوظائف القديمة، ولكن يبقى السؤال: ماذا يمكن أن نعمل لنقلل من هذا التحدي؟ وهل هدفنا هو فقط تخريج طلاب يحملون شهادات أم تخريج طلاب يصنعون فارقا في الحياة المهنية؟

أقترح أولا تطوير المناهج لتشمل مهارات المستقبل من البرمجة، وتحليل البيانات، والتواصل...إلخ، وربطها بشكل وثيق باحتياجاتنا الوطنية في سوق العمل. هنا يبقى تحد آخر بأن بعضا من أعضاء هيئة التدريس ليس لديهم الرغبة في عملية التغيير والتطوير، سواء من إعداد المناهج أو من طريقة إعداد أسئلة الاختبارات. ينبغي كذلك تعزيز برامج التدريب التعاوني والعملي داخل الشركات، وإنشاء مراكز ربط وظيفي داخل الجامعات لتوجيه الطلاب حسب احتياجات السوق، كما ينبغي تشجيع الطلاب على تطوير مهاراتهم عبر الدورات القصيرة وليس الانتظار من الجامعة أن تبادر هي بتطويرهم، كذلك العمل الجزئي والمشاريع الريادية قبل التخرج. وفق الله الجميع لما يحب ويرضى.