رحلة في بلاد بخارى
السبت - 25 أكتوبر 2025
Sat - 25 Oct 2025
أزعم بأننا في المدن الرئيسة بالمنطقة الغربية من المملكة العربية السعودية على تماس مباشر وكبير مع أهلنا في بلاد ما وراء النهر، والذين جاور بعضهم منذ عدة قرون، على أن أغلبهم قدموا إلينا هربا بدينهم حال ابتداء الغزو السوفيتي لبلادهم مطلع القرن العشرين الميلادي، فكان أن هاجروا أفرادا وزرافات حماية لأنفسهم، وحفاظا على دينهم، إلى الدول الإسلامية المجاورة، وصولا إلى الحرمين الشريفين، فاستقروا بمكة المكرمة والمدينة المنورة علاوة على مدينتي الطائف وجدة، وشكلوا وحدة اجتماعية تماهت مع غيرها تصاهرا وجوارا، حتى باتوا جزءا من النسيج المجتمعي ثقافة وتثاقفا بكناهم وألقابهم المتعددة والتي تنتمي في أساسها إلى قراهم ومدنهم البعيدة، على أننا كمجتمع سعودي آثرنا أن نختزلهم بلقب واحد وهو "البخاري"، نسبة إلى مدينة بخارى الشهيرة بعلمائها وحضارتها المسلمة.
إذن هي بخارى وجارتها سمرقند، وهي طشقند وفرغانة وقوقند وغيرها من البقاع التي تشكل حاليا جزءا من جمهورية أوزبكستان إحدى جمهوريات آسيا الوسطى، والتي تشرفت بزيارتها في جولة سياحية خلال الفترة السالفة، والحق أقول إني ذهبت وصحبي إليها والشوق يحدونا لأن نقف على معالم تلك الديار التي شهدت حضارة إسلامية في غابر الأيام، وينتمي إليها كبار العلماء المسلمين الذين أبدعوا في شتى العلوم والمعارف، وقادوا البشرية بعلمهم ردحا من الزمن، وكان لنا ما أردنا.
قضينا أياما جميلة في العاصمة طشقند، والتي ينتمي إليها كما أظن كل من يتلقب بالطاشكندي في بلادنا والله أعلم، فوجدتها عاصمة واسعة، مجللة بالأشجار والتي تشعرك بأنك في غابة شُقّ بها طرق ومعابر، ثم منها إلى سمرقند حيث مسرح رواية الكاتب أمين معلوف، والتي قضينا فيها أمتع الأوقات، ومنها إلى بخارى تلك المدينة التي اختزلت مجتمعا بأكمله، والمدينة التي باتت أشهر من نار على علم جراء تلقب أحد أئمة الحديث باسمها، علما بأنها لم تحوِ رفاته، حيث وافته المنية في قرية صغيرة بالقرب من سمرقند.
كان أكثر ما لفت نظري وصحبي خلال تطوافنا الجميل بتلك المدن حالة النظافة الملفتة للأنظار، إذ لا تبصر العين نفاية هنا أو ورقة هناك، إلا ما كان من أوراق الخريف، وحتى هذا لم نكن لنراه إلا على قارعة البساتين والشوارع الفرعية؛ كما أبهرنا وسع طرقها الرئيسة والتي تنتمي برسم هندستها للعهد السوفيتي، وهو ما يشعرك بهيبة دولة غابرة جراء طولها ووسعها وانحناء الأشجار الباسقة على جانبيها.
اللافت في الأمر أن تلك المدن وبالرغم من عراقة أسمائها إلا أنها محدودة في تراثها الإسلامي مقارنة بعمق تاريخها ودلالة مسمياتها، إذ ما يراه الرائي قاصرا على فترة تيمورلنك، وهي فترة تاريخية مهمة في تاريخ المسلمين، وبالرغم من ذلك فقد اعتنوا بتلك الآثار المادية من مدارس وقلاع وعملوا على تهيئتها بشكل لائق لتستقبل السائحين من كل بقاع الأرض، فكانت زيارتنا لها ماتعة بشكل كبير، وتمتعنا أيضا بما يحتويه محيطها من مطاعم ومقاه وأسواق تراثية، كما هو الحال في مدينة بخارى العتيقة وغيرها.
في هذا السياق فقد تسنى لنا زيارة المقام المهيب لابن عم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قثم بن العباس رضي الله عنهما، كما تيسر لنا زيارة مسجد الإمام البخاري ومقامه، وكذلك مقام الإمام محمد بن منصور الماتريدي، ومقام الإمام بهاء الدين النقشبندي، وغيرها، وشدني اهتمام الدولة بتلك المواقع، وبناء الكثير من الوحدات السكنية على أعلى المستويات بجوارها سواء كانت شققا مخدومة أو فنادق متنوعة، وهو ما يصب في زيادة دخل الدولة من جهة، وينعكس إيجابيا على واقع الفرد والمجتمع، وكل ذلك يدخل في جانب اقتصاد المعرفة، والتنمية السياحية.
أخيرا من المهم أن أذكر بأن جمال تطوافنا كان بمرافقة باحث مطلع وهو السيد محمود كاساني الذي تيسر له أن يقضي نصيبا من عمره بصحبة والديه في مدينة الطائف ومكة، حتى إذا سقط الاتحاد السوفيتي واستقلت أوزبكستان عاد مع أسرته إلى وطنه الأم، فكان خير رفيق، وأحسن دليل، لما عرضه علينا من معلومات تاريخية، وتعريف بطبيعة المجتمع وتكوينه المتنوع، وهو أمر لم يكن ليتسنى لنا معرفته بتفصيل دون رفقة خبير عارف، فله الشكر.
كما يبقى أن أشير إلى أن كل ذلك الجمال ينقصه بعض اللياقة في الخدمة المقدمة والتي لا تزال تفتقر إلى المهنية في بعض جوانبها ومواضعها، ومن ذلك أننا لم نتمكن من الوصول إلى باب صالة المطار بمدينة بخارى حال عودتنا لطشقند، حيث أوقفنا السائق على قارعة الطريق بعيدا، واضطررنا لأن نمشي بحقائبنا مسافة غير يسيرة، ولا نعرف لذلك سببا، علما بأن المطار لم يكن مشغولا سوى برحلتنا التي لم يتجاوز عدد ركابها المئة.
إذن هي بخارى وجارتها سمرقند، وهي طشقند وفرغانة وقوقند وغيرها من البقاع التي تشكل حاليا جزءا من جمهورية أوزبكستان إحدى جمهوريات آسيا الوسطى، والتي تشرفت بزيارتها في جولة سياحية خلال الفترة السالفة، والحق أقول إني ذهبت وصحبي إليها والشوق يحدونا لأن نقف على معالم تلك الديار التي شهدت حضارة إسلامية في غابر الأيام، وينتمي إليها كبار العلماء المسلمين الذين أبدعوا في شتى العلوم والمعارف، وقادوا البشرية بعلمهم ردحا من الزمن، وكان لنا ما أردنا.
قضينا أياما جميلة في العاصمة طشقند، والتي ينتمي إليها كما أظن كل من يتلقب بالطاشكندي في بلادنا والله أعلم، فوجدتها عاصمة واسعة، مجللة بالأشجار والتي تشعرك بأنك في غابة شُقّ بها طرق ومعابر، ثم منها إلى سمرقند حيث مسرح رواية الكاتب أمين معلوف، والتي قضينا فيها أمتع الأوقات، ومنها إلى بخارى تلك المدينة التي اختزلت مجتمعا بأكمله، والمدينة التي باتت أشهر من نار على علم جراء تلقب أحد أئمة الحديث باسمها، علما بأنها لم تحوِ رفاته، حيث وافته المنية في قرية صغيرة بالقرب من سمرقند.
كان أكثر ما لفت نظري وصحبي خلال تطوافنا الجميل بتلك المدن حالة النظافة الملفتة للأنظار، إذ لا تبصر العين نفاية هنا أو ورقة هناك، إلا ما كان من أوراق الخريف، وحتى هذا لم نكن لنراه إلا على قارعة البساتين والشوارع الفرعية؛ كما أبهرنا وسع طرقها الرئيسة والتي تنتمي برسم هندستها للعهد السوفيتي، وهو ما يشعرك بهيبة دولة غابرة جراء طولها ووسعها وانحناء الأشجار الباسقة على جانبيها.
اللافت في الأمر أن تلك المدن وبالرغم من عراقة أسمائها إلا أنها محدودة في تراثها الإسلامي مقارنة بعمق تاريخها ودلالة مسمياتها، إذ ما يراه الرائي قاصرا على فترة تيمورلنك، وهي فترة تاريخية مهمة في تاريخ المسلمين، وبالرغم من ذلك فقد اعتنوا بتلك الآثار المادية من مدارس وقلاع وعملوا على تهيئتها بشكل لائق لتستقبل السائحين من كل بقاع الأرض، فكانت زيارتنا لها ماتعة بشكل كبير، وتمتعنا أيضا بما يحتويه محيطها من مطاعم ومقاه وأسواق تراثية، كما هو الحال في مدينة بخارى العتيقة وغيرها.
في هذا السياق فقد تسنى لنا زيارة المقام المهيب لابن عم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قثم بن العباس رضي الله عنهما، كما تيسر لنا زيارة مسجد الإمام البخاري ومقامه، وكذلك مقام الإمام محمد بن منصور الماتريدي، ومقام الإمام بهاء الدين النقشبندي، وغيرها، وشدني اهتمام الدولة بتلك المواقع، وبناء الكثير من الوحدات السكنية على أعلى المستويات بجوارها سواء كانت شققا مخدومة أو فنادق متنوعة، وهو ما يصب في زيادة دخل الدولة من جهة، وينعكس إيجابيا على واقع الفرد والمجتمع، وكل ذلك يدخل في جانب اقتصاد المعرفة، والتنمية السياحية.
أخيرا من المهم أن أذكر بأن جمال تطوافنا كان بمرافقة باحث مطلع وهو السيد محمود كاساني الذي تيسر له أن يقضي نصيبا من عمره بصحبة والديه في مدينة الطائف ومكة، حتى إذا سقط الاتحاد السوفيتي واستقلت أوزبكستان عاد مع أسرته إلى وطنه الأم، فكان خير رفيق، وأحسن دليل، لما عرضه علينا من معلومات تاريخية، وتعريف بطبيعة المجتمع وتكوينه المتنوع، وهو أمر لم يكن ليتسنى لنا معرفته بتفصيل دون رفقة خبير عارف، فله الشكر.
كما يبقى أن أشير إلى أن كل ذلك الجمال ينقصه بعض اللياقة في الخدمة المقدمة والتي لا تزال تفتقر إلى المهنية في بعض جوانبها ومواضعها، ومن ذلك أننا لم نتمكن من الوصول إلى باب صالة المطار بمدينة بخارى حال عودتنا لطشقند، حيث أوقفنا السائق على قارعة الطريق بعيدا، واضطررنا لأن نمشي بحقائبنا مسافة غير يسيرة، ولا نعرف لذلك سببا، علما بأن المطار لم يكن مشغولا سوى برحلتنا التي لم يتجاوز عدد ركابها المئة.