نبيل عبدالحفيظ الحكمي

أبرز أسباب الوفيات في السعودية

الخميس - 23 أكتوبر 2025

Thu - 23 Oct 2025


تشهد المملكة العربية السعودية تطورات متلاحقة وملحوظة في منظومتها الصحية، مستهدفة تحقيق رؤية 2030 الطموحة، والتي تعد الرعاية الصحية جزءا أساسيا من محاورها. وفي هذا السياق، أطلق المعهد الوطني السعودي لأبحاث الصحة (Saudi NIH) مشروعا استراتيجيا مهما لتحديد الأولويات الوطنية للبحوث الصحية، والتي من شأنها توجيه الجهود البحثية وتخصيص الموارد بكفاءة وفعالية.

يأتي هذا المشروع ضمن جهود السعودية لتعزيز مكانتها في مقدمة الدول الرائدة في البحث والتطوير الصحي، مستفيدة من التجارب الدولية الناجحة في دول مثل المملكة المتحدة وكندا والولايات المتحدة، مع مراعاة الخصوصية والاحتياجات الوطنية. واعتمد المشروع في تحديد الأولويات على منهجية مركبة تجمع بين النموذج الوطني الأساسي لأبحاث الصحة (ENHR) ومصفوفة النهج المشترك (CAM)، لضمان مشاركة شاملة وشفافة تعكس احتياجات القطاع الصحي السعودي.

تعتبر الصحة العامة، أحد أهم أولويات الدول، وتسعى السعودية إلى تحسين مستوى الرعاية الصحية وتوجيه الجهود لمكافحة أهم أسباب الوفيات التي تؤثر على حياة مواطنيها. وقد كشفت إحصائيات عام 2021 عن عدة أسباب بارزة للوفاة، تسلط الضوء على أبرز التحديات الصحية التي تواجهها المملكة.

تتصدر أمراض القلب قائمة أسباب الوفيات في السعودية، إذ تشكل وحدها نسبة 20.75% من إجمالي الوفيات. هذه النسبة الكبيرة تفرض على القطاع الصحي توجيه موارد مكثفة نحو تعزيز الوقاية وتحسين طرق التشخيص المبكر والعلاج الفعال لأمراض القلب. كذلك تبرز الأمراض المرتبطة بارتفاع ضغط الدم في المركز الخامس بنسبة 3.96%، وهو مؤشر آخر يؤكد ضرورة التركيز على التوعية الصحية والتدخلات الوقائية المتعلقة بتعديل نمط الحياة.

ومن الإحصائيات المثيرة والتي أظهرتها البيانات هي أن الإصابات الناجمة عن حوادث المرور تأتي في المركز الثاني بنسبة 9.07%، مما يبرز قضية السلامة المرورية كأولوية وطنية ملحة تستدعي المزيد من الإجراءات الوقائية والتشريعات الصارمة لتعزيز سلامة الطرق.

وأيضا جائحة كرونا ( كوفيد 19)، فقد شكلت نسبة كبيرة من أسباب الوفيات بنسبة 5.73%، مما يعكس أثر هذه الجائحة العالمي والمحلي، ويبرز أهمية الاستعداد المبكر لمواجهة مثل هذه الأزمات الصحية في المستقبل. وتحتل السكتات الدماغية المرتبة الرابعة بنسبة 4.76%، وهذا يشير إلى ضرورة تعزيز جهود الوقاية من عوامل الخطر كالسمنة والتدخين، وزيادة حملات التوعية حول أعراض السكتة الدماغية وأهمية العلاج السريع.

تعد الأمراض المزمنة الأخرى عزيزي القارئ، مثل مرض السكري من النوع الثاني بنسبة 3.17%، والفشل الكلوي المزمن المرتبط بارتفاع ضغط الدم والسكري بنسبة إجمالية تصل إلى حوالي 6.7% (عند جمع الفشل الكلوي بجميع أنواعه)، من أبرز القضايا التي تستوجب برامج توعية موسعة وتوفير العلاج المبكر لمنع تفاقم الحالات إلى مراحل متقدمة.

على الجانب الآخر، تظهر البيانات انتشارا للأمراض التنفسية، حيث احتلت التهابات الجهاز التنفسي السفلي نسبة 2.59%، وأمراض الانسداد الرئوي المزمن نسبة 1.80%. تشدد هذه الأرقام على ضرورة تعزيز خدمات الرعاية الصحية الأولية وتكثيف الجهود الوقائية، خاصة في أوقات الذروة الموسمية لأمراض الجهاز التنفسي.

وفي إطار الأمراض المعدية، بلغت نسبة الوفيات الناجمة عن التهاب الكبد الوبائي (سي) مع تليف الكبد 1.78%، والتهاب الكبد الوبائي (ب) مع تليف الكبد 0.80%، مما يسلط الضوء على أهمية حملات التلقيح والتوعية الصحية.

وبالنظر إلى أمراض مثل الزهايمر والخرف، نجدها تشكل 1.09% من الوفيات، مما يعكس تزايد العبء الصحي والاجتماعي لهذه الأمراض في ظل تزايد متوسط العمر المتوقع في المملكة.

ومن الجدير بالذكر عزيزي القارئ، أن أمراض السرطان، وعلى الرغم من خطورتها، فقد احتل سرطان القولون والمستقيم نسبة 0.93% فقط، مما يظهر نجاحا نسبيا في برامج الكشف المبكر والتوعية الصحية في هذا المجال.

في الختام، لا يمكننا إلا أن نشيد بالجهود الكبيرة التي تبذلها المملكة العربية السعودية في مكافحة هذه الأمراض والحد من أسباب الوفيات من خلال استراتيجيات واضحة وفعالة، تماشيا مع توجيهات حكومة المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين، والتي تجسدت في رؤية المملكة 2030.

هذه الرؤية الطموحة لم تغفل جانب الصحة العامة، بل جعلته أحد أبرز محاورها، وأثمرت عن إطلاق مبادرات وبرامج نوعية تستهدف تحسين جودة حياة المواطنين، وتقديم رعاية صحية شاملة ومستدامة. هذه الخطوات تعكس التزام المملكة الكامل بصحة وسلامة كل فرد يعيش على أراضيها، وتسهم بشكل فعال في تحقيق مستقبل صحي مزدهر لجميع المواطنين والمقيمين.

nabilalhakamy@