خالد العويجان

حماس والصورة البشعة ودعشنة آخر اللحظات

الاثنين - 20 أكتوبر 2025

Mon - 20 Oct 2025



الإسلامويون كاذبون، يجيدون فن التلون، وتزييف الحقائق، والتباكي بدموع التماسيح. ديدنهم اللعب على عواطف البسطاء والضعفاء. وادعاء المظلومية في حقائبهم على الدوام. هم في الأصل شياطين. مجرمون أيديهم ملطخة بالدماء.

الأسبوع المنصرم استفاق العالم على خبر إعدام حركة حماس بعض الأشخاص ميدانيا. الحقيقة المشهد أعاد للأذهان بشاعة «داعش» خلال فترة مضت.

المهم؛ ساقت الحركة حججها. قالت إن المعدمين أمام الملأ في وضح النهار عملاء لإسرائيل. وتعددت الروايات المضادة. وهذا لا يهم. المهم أن ما حدث جريمة مكتملة الأركان؛ قولا واحدا.

لماذا؟ لسبب واحد رئيسي، أنها تمت خارج الإطار القانوني، بمعنى أنها لم تقم على أحكام صادرة عن جهات قضائية. ثم إنها حدثت بطريقة بشعة، افتقدت أدنى صور الإنسانية. فالقتل بهذه الطريقة يعكس نظام العصابات ومجرمي الحرب، ويعزز مفهوم الميليشيا؛ الذي التصق بها، وحاولت إنكاره ودحضه منذ عشرات السنين، إلا أنها فشلت.

دون أدنى شك الحركة تعاني من مواجهة لحظاتها الأخيرة، لذا لجأت لاستخدام هذا التصرف، بهدف تعبئة المؤيدين لها، سواء من قواعد شعبية، أو أذرعة عسكرية، وأخص بالذكر هنا - كتائب عز الدين القسام - الجناح المسلح لحماس، للوصول إلى تعزيز فكرة السيطرة التي تحاول اللجوء لها، لتعويض النقص والضعف اللذين تسبب بهما قبولها خطة ترامب؛ التي سلبتها كل شيء، ولم تمنحها أي شيء.

وهذا برأيي وفق حساباتها، تجد أنه يمكن أن يعود عليها بالقوة، وبالتالي بقاؤها في العين الفلسطينية. فتأسيسها للتناحر بين أبناء الجلدة الواحدة، يحقق لها التسيد والاستئثار بالصورة العامة، وهذا لن يتم الوصول له دون بث الرعب في نفوس أبناء قطاع غزة، وما جاوره.

قالت الحركة في بيان لها مؤخرا، إنها ستبقى ضمن النسيج الفلسطيني، بعد أن قرر أصحاب القول الفصل نزع سلاحها، وعدم مشاركتها في الحياة السياسية بفلسطين. وعقب أيام اتخذت هذه الخطوة، لماذا؟ لأنه لم يتبق لها سوى اللعب على وتر ترهيب الإنسان الفلسطيني، الذي كان ولا يزال يتحمل دفع فاتورة حماقاتها التاريخية المتكررة في مواجهة إسرائيل.

المضحك المبكي، أنها وبعد أن نفذت تلك الجريمة، أسفت خلال بيان نشر في صدر صفحتها الرسمية على شبكة الانترنت، على ما وصفته «بالمشاهد المروعة التي ظهرت على جثامين لفلسطينيين سلمتها إسرائيل خلال الأيام الفائتة، وبدت عليها آثار التعذيب والتنكيل - والإعدامات الميدانية -، ما يكشف بوضوح الطبيعة الإجرامية والفاشية لجيش الاحتلال».

يلحظ من خلال البيان أن صناع القرار في الحركة مصابون بمرض عضال، قاد له التوغل في القتل وسفك الدماء. كيف؟ ذكر البيان «الإعدامات الميدانية»، التي تتصور أنه تم تنفيذها بحق القتلى الذين تسلمت جثثهم. وهذا منتهى التناقض والانفصال عن الواقع. فلم تخجل من منح نفسها الحق بتنفيذ هذا النوع من القتل بوحشية، وشاهده الأرض ومن عليها، في حين تباكت أن إسرائيل مارست الفعل ذاته!

ثم تقول الطبيعة الإجرامية والفاشية لجيش الاحتلال؛ وهذا يقود لسؤال: ما تفسير الإقدام على القتل بالطريقة التي اتبعتها؛ هل هو إجرام وفاشية، أم له وصف آخر يناسبه؟

السؤال الأهم: في أي سياق تضع حركة حماس استرخاص أرواح أبناء قطاع غزة، الذين قتل منهم أكثر من 65 ألفا، وشرد جميعهم، ودمرت منازلهم ومدينتهم عن بكرة أبيها، نتيجة حرب افتعلتها الحركة، فيما يتسكع قادة الحركة في عواصم فارهة، ويقطنون فنادق من فئة الخمس نجوم وما فوق؟

أعتقد أن تلك أسئلة بقدر ما هي مشروعة، بقدر ما هي موجعة، وأجوبتها تكمن في فهم الذهنية المؤدلجة للحركة، التي يمكن استشعار بأنها لن تتخلى عن أدوارها السياسية والعسكرية «المتهورة»، وإن سعت للترويج لهذه الفكرة، فذلك ليس إلا خديعة، ستنتهي لاستدعاء الحرب مع إسرائيل، وإن لم تحدث هذه، فسيكون القتال بين الفلسطينيين أنفسهم، طال الزمن أم قصر، لأنها عاشت عقودا، على القتل والترهيب.

ثمة ما يشير إلى أن هناك حالتين من التوحش، واحدة تمثلها إسرائيل، والأخرى تجسدها حركة حماس. لأن الطرفين ضربا بالقوانين الدولية والإنسانية عرض الحائط، نتيجة انقيادهما وراء شهوة الدم ومشاهدة الجثث المتراكمة. فالواقع يقول إن الفلسطيني الذي لم يقتل بالسلاح الإسرائيلي، لا مفر له من السلاح الحمساوي.

أتصور أن خطوة التصفيات الميدانية أفقدت الحركة آخر أشكال ما يمكن أن يكون قد تبقى لها من قيمة، على الصعيد الداخلي الفلسطيني والعربي والعالمي.

إن حماس بحماقتها السياسية وابتعادها عن الأخلاقيات الإنسانية، أوقدت نارا تحت ما كانت تسوقه من عناوين، ضحكت عبرها على العرب والمسلمين والعالم بأسره، من أن هدفها سام يقوم على مواجهة عدو، انكشف مع الوقت أنها تشبهه في المنهجية بصرف النظر عن الأسلوب.

لقد اتضح أن تحرير الأرض كذبة. وتخليص القدس من المحتل كذبة. والدفاع عن الشعب الفلسطيني كذبة. والمقاومة كذبة. وشرعيتها كذبة. ومنهجيتها كذبة. وسلاحها كذبة.

الحقيقة التي لا تدع مجالا للشك؛ أن تلك صورة حماس الواقعية البشعة.. التي اعتمدت دعشنة آخر اللحظات.