الحقيل: جيل Z ونمط الحياة المختلف
الأربعاء - 15 أكتوبر 2025
Wed - 15 Oct 2025
من يتأمل المشهد العقاري في السعودية خلال السنوات الأخيرة، يدرك أن ما يجري لم يكن تطويرا في السياسات فحسب، بل تحول هيكلي شامل أعاد تعريف السوق العقاري، وغير نظرة المنطقة بأسرها إلى مفهوم التنمية العمرانية.
في منتدى قطر العقاري الثالث، تحدث معالي وزير البلديات والإسكان الأستاذ ماجد الحقيل من منصة خليجية تهتم بالعقار كركيزة في بناء اقتصاد متجدد وحياة حضرية متكاملة. حديثه كان أقرب إلى قراءة عميقة للتحول الذي تعيشه المملكة منذ عام 2016م، حين قال إن المرحلة الجديدة تقوم على تمكين السوق وتشغيله بكفاءة وشراكة وتكامل.
هذه العبارة تلخص فلسفة التحول السعودي؛ إصلاح تشريعي عميق، وتمكين للكفاءات الوطنية، وبناء مؤسسات قادرة على قيادة التنمية مثل الشركة الوطنية للإسكان (NHC) التي أصبحت المرتكز الرئيس للمشاريع الكبرى، بالشراكة مع أكثر من 100 مطور وطني ودولي.
ومن الدوحة، أعلن الوزير عن اتفاقية جديدة مع شركة الديار القطرية، في إشارة رمزية إلى أن التنمية في الخليج أصبحت منظومة تكامل لا منافسة.
الحقيل تناول أيضا التحول في فكر التطوير العقاري؛ من بناء المنازل إلى بناء المجتمعات والمدن. وأشار إلى أن الجيل الجديد من السكان – Z و Alpha – يحتاج إلى نمط حياة مختلف يقوم على جودة المعيشة والأنسنة والتكامل، وهو ما جعل التحدي اليوم يتمثل في توفير السعادة داخل المجتمع العمراني وتوسيع خيارات الحياة فيه.
أما في التمويل، فقد رسم الوزير صورة دقيقة لقطاع نما من 200 مليار ريال قبل حوالي 5 إلى 6 سنوات، إلى أكثر من 900 مليار ريال في عام 2025، ويمثل اليوم 27% من محافظ البنوك السعودية، بفضل منظومة تمويلية متطورة تقودها الشركة السعودية لإعادة التمويل العقاري (SRC) التي باتت اليوم جزءا من أسواق المال العالمية بطرح إصداراتها في سوق لندن المالي.
هذا النمو في التمويل ترافق مع تحول رقمي عميق جعل العقار السعودي أصلا استثماريا وادخاريا ذكيا، بفضل التسجيل العيني، وتكامل البيانات والسجلات، وتطور الخدمات الالكترونية في المنصات العقارية، وصولا إلى مدن أصبحت ضمن أفضل 100 مدينة ذكية عالميا.
وفي حديثه عن الهوية العمرانية السعودية، أوضح معالي الوزير أن المملكة بتوجيه من سمو ولي العهد - حفظه الله - أعادت كتابة هويتها البصرية عبر 19 هوية معمارية تعكس تنوع مناطقها وثقافاتها. فكل مدينة سعودية تعبر عن نفسها من خلال عمارتها؛ مكة بروحها، والمدينة بسكينتها، وأبها بجمالها الطبيعي. كما خصص 10% من كل مدينة لتجارب معمارية حرة تعزز الإبداع وتثري المشهد العمراني.
ما عرضه معالي الوزير في الدوحة كان خريطة فكرية لمستقبل المدن في الخليج؛ حيث يلتقي التنظيم بالابتكار، والتقنية بالهوية، والاستثمار بالإنسان.
فالمملكة اليوم تبني مدنا أكثر ذكاء وإنسانية، وتفتح أبوابها للمستثمرين والمطورين من أكثر من 58 دولة، في بيئة مستقرة وواضحة القوانين.
من الدوحة، بدت الرسالة السعودية واضحة؛ مستقبل العقار الخليجي يبنى بالتكامل، ويزدهر بالهوية التي تعيشها المدن في تفاصيلها، وتناغم لراحة الإنسان مع أنسنة المكان.
وكانت مشاركة معالي الوزير ماجد الحقيل في المنتدى إعلانا عن مرحلة خليجية جديدة، تتقاطع فيها التجربة السعودية مع رؤية خليجية موحدة، هدفها مدن تشبه الإنسان الخليجي، طموحا، وهوية، وحياة.
Barjasbh@