مهند عبداللطيف الجداوي

تنظيم الإعلام.. وعي يصنع أمة

الثلاثاء - 07 أكتوبر 2025

Tue - 07 Oct 2025

الإعلام اليوم هو الواجهة الحقيقية للدول، ومنصاتها هي منصات التعريف بهويتها ومكانتها وطموحاتها. ومع تطور وسائل التواصل الاجتماعي، أصبحت هذه المنصات في كل جيب، تحمل أهمية فائقة، وتحتاج - كأي أداة قوية - إلى تنظيم واعٍ يضمن استخدامها في البناء لا الهدم، في التوعية لا التهويل، وفي خدمة الحقيقة لا تزييفها.

لقد منحت المملكة المجتمع حرية التعبير أولا، ثم وضعت التنظيم لحماية تلك الحرية من الانزلاق نحو الفوضى. فالتنظيم دائما يأتي بعد نضج الفكرة، كما هو الحال في أنظمة القيادة التي وضعت بعد اختراع السيارة، لتضمن السلامة وتواكب التطور. وهكذا جاءت هيئة تنظيم الإعلام لتصوغ الإطار الأخلاقي والمهني للمنصات الرقمية، وتحمي المجتمع من خباثة بعض التوجهات الإعلامية التي تتقن دس السم في العسل.

نحن السعوديون نرى الناس بعين طبعنا؛ نحب الصدق ونثمنه، نندهش بكل معلومة ونعتبرها حقيقة. لذا كانت مسؤولية التنظيم أن يصون الأقل خبرة في دهاليز الإعلام من التضليل، وأن يبني خطابا وطنيا واعيا يتبناه الجميع لرفعة المجتمع ومكانته.

وفي هذا السياق، تبرز أهمية دور الخبراء وأصحاب التجربة في دعم الأقل خبرة، فالإعلام ليس مضمار تنافس بقدر ما هو ميدان تكامل. وعندما يمد المتمرس يده للمبتدئ، تبنى أجيال إعلامية أكثر وعيا، قادرة على حمل الرسالة بمسؤولية، وصون القيم المهنية، وإعلاء المصلحة العامة فوق كل اعتبار.

فالتنظيم ليس تقييدا، بل وعي يصنع أمة. وهو ما يجعلنا نعيش قول الله تعالى: (كنتم خير أمة أخرجت للناس).