كيف تنهك الكهرباء معدات المصانع والشركات؟
الاثنين - 06 أكتوبر 2025
Mon - 06 Oct 2025
تخيل شبكة الكهرباء في أي منشأة صناعية أو تجارية كشريان حياة يغذي كل جزء فيها بالطاقة. هذا الشريان يجب أن يكون صافيا ومستقرا ليعمل كل شيء بكفاءة. لكن في عالمنا الحديث، هناك «ملوثات» كهربائية لا ترى بالعين المجردة، تسبب إجهادا كبيرا على المعدات، وتقلل من عمرها الافتراضي، وتؤدي إلى خسائر مالية فادحة.
إن الحديث هنا ليس عن الانقطاع الكامل للكهرباء، بل عن جودة الطاقة، وهي حالة الجهد والتيار الكهربائي الذي يصل إلى المعدات. عندما تكون هذه الجودة سيئة، تتعرض المعدات «لإجهاد» مستمر، تماما كإنسان يعمل تحت ضغط هائل.
فمن أين تأتي هذه الملوثات الكهربائية؟
المفارقة أن مصدرها غالبا ما يكون من صميم التكنولوجيا الحديثة التي نعتمد عليها. المعدات التي صممت لزيادة الكفاءة والتحكم هي ذاتها التي تسبب إجهادا على باقي الشبكة.
أصبحت محركات التيار المتردد التي تتحكم فيها محولات التردد المتغيرة (VFDs) جزءا لا يتجزأ من الصناعة، حيث تسمح بالتحكم الدقيق في سرعة المحركات. لكن هذه المحولات تسبب ما يعرف بالتوافقيات، وهي تشوهات في الموجة الكهربائية النقية. هذه التوافقيات تتسلل إلى الشبكة وتسخن المحولات، والكابلات، والمعدات الأخرى، مما يسبب تآكلا وتلفا بمرور الوقت.
كما أنه عند تشغيل محرك ضخم أو معدات لحام، يحدث سحب هائل للتيار يسمى التيار الاندفاعي. هذا السحب يسبب انخفاضا لحظيا في الجهد على الشبكة بأكملها، مما يربك المعدات الالكترونية الحساسة المتصلة بالدائرة نفسها، وقد يؤدي إلى إعادة تشغيلها أو حتى تلفها.
في المراكز التجارية ومراكز البيانات، تعتبر أنظمة UPS حيوية للحماية من انقطاع التيار. لكن هذه الأنظمة، جنبا إلى جنب مع الإضاءة الحديثة الموفرة للطاقة (LED)، يمكن أن تساهم في إحداث توافقيات تؤثر على المعدات الأخرى الحساسة.
إن أجهزة اللحام تعتبر من أكثر المصادر إزعاجا للشبكة. العمليات السريعة وغير المنتظمة التي تحدث في اللحام تسبب تقلبات سريعة في الجهد، مما يؤثر على أجهزة الكمبيوتر والمعدات الالكترونية الدقيقة في المنشأة نفسها.
تجاهل هذه المشكلة قد يبدو بسيطا في البداية، ولكن آثاره تتراكم:
1 - زيادة في استهلاك الطاقة نتيجة ارتفاع درجة حرارة المكونات الكهربائية.
2 - انخفاض عمر المعدات والحاجة إلى صيانة أكثر تكرارا.
3 - أعطال مفاجئة في المعدات الحساسة، مما يؤدي إلى توقف الإنتاج وخسائر مادية.
4 - فشل في أنظمة الحماية، حيث قد لا تعمل قواطع الدائرة (Circuit Breakers) بالشكل الصحيح.
وبالتالي الحفاظ على كفاءة المعدات واستدامة العمليات، يوجب الاستثمار في تقنيات تحسين جودة الطاقة. يمكن أن يشمل ذلك تركيب مرشحات التوافقيات لامتصاص التشوهات، ومحولات العزل لحماية المعدات الحساسة، وأجهزة حماية من الارتفاعات المفاجئة للجهد (Surge Protection).
في نهاية المطاف، الاستثمار في جودة الطاقة ليس مجرد تكلفة إضافية، بل هو استثمار وقائي يحمي الأصول الثمينة ويضمن استمرارية الأعمال وكفاءتها على المدى الطويل. إنها خطوة حيوية لضمان أن شريان الحياة الكهربائي يبقى صافيا ونظيفا، بعيدا عن أي إجهاد غير ضروري.