وليد سعد الشهري

المدن الذكية تتحرك: مترو الرياض والحافلات المتكاملة نموذجان لعصر جديد 

الأحد - 05 أكتوبر 2025

Sun - 05 Oct 2025



حين افتتحت المرحلة الأولى من مترو الرياض في ديسمبر 2024، لم يكن الحدث مجرد تدشين لخطوط جديدة، بل كان إعلانا رسميا عن دخول المملكة عصر النقل الحضري الذكي. ومع تكامل المترو مع شبكة Riyadh Bus  الحديثة، أصبحت العاصمة السعودية نموذجا ملهما للمدن الذكية التي تسعى إلى تحقيق كفاءة النقل، تقليل الانبعاثات، وتحسين جودة الحياة، بما ينسجم مع مستهدفات رؤية 2030 وبرنامجها المحوري جودة الحياة. 

(مترو الرياض) أكبر شبكة مترو آلي في العالم: يمتد مترو الرياض على ستة خطوط رئيسية وأكثر من 176 كيلومترا، ليكون أكبر مشروع مترو دون سائق في العالم. يضم أكثر من 80 محطة صممت بمعايير جمالية ووظيفية تعكس الهوية السعودية وتخدم ملايين الركاب. وتشير التقديرات إلى أن المترو قادر على استيعاب أكثر من 3 ملايين راكب يوميا عند التشغيل الكامل، ما يساهم في تقليل الازدحام المروري وخفض الانبعاثات الكربونية بنحو 400 ألف طن سنويا. 

(حافلات الرياض) شريان يربط المدينة: إلى جانب المترو، أطلقت الهيئة الملكية لمدينة الرياض مشروع Riyadh Bus الذي يضم أكثر من 2,800 حافلة تغطي أكثر من 1,000 مسار. هذه الشبكة تمثل الشريان المكمل للمترو، حيث تضمن وصول الركاب من وإلى المحطات بكفاءة عالية.  

الربط بين المترو والحافلات يتم عبر نظام تذاكر موحد وتقنيات دفع ذكية، بما يتيح للركاب استخدام وسيلة واحدة للتنقل بين مختلف الوسائط. هذا التكامل يمثل أحد أهم معايير النقل متعدد الوسائط (Multimodal Transport) التي تتبناها المدن الذكية عالميا. 

البعد الاستراتيجي لرؤية 2030: المملكة لا ترى في هذه المشاريع مجرد بنية تحتية للنقل، بل تعتبرها ممكنا رئيسيا لتحقيق مستهدفات الاستراتيجية الوطنية للنقل والخدمات اللوجستية. 

- تحسين جودة الحياة عبر تقليل الازدحام والتلوث. 

- دعم الاقتصاد بجذب الاستثمارات وتعزيز تنافسية العاصمة كمدينة عالمية. 

- تحقيق الاستدامة عبر تشجيع النقل العام وخفض الاعتماد على المركبات الخاصة. 

- تمكين التقنية عبر أنظمة تذاكر رقمية وتطبيقات ذكية لخدمة الركاب. 

ويقول أحد المسؤولين في الهيئة الملكية لمدينة الرياض «مشروع المترو ليس مجرد وسيلة تنقل، بل هو استثمار في المستقبل، وركيزة أساسية لتحقيق مستهدفات رؤية 2030 في جعل الرياض واحدة من أفضل 10 مدن عالمية للعيش والعمل». 

(مقارنات عالمية) الرياض في الصف الأول: عند مقارنة تجربة الرياض بمدن عالمية مثل دبي، سنغافورة، أو شنغهاي، نجد أن المملكة لم تكتفِ بنقل التجارب، بل طورت نموذجا خاصا بها يتناسب مع طبيعة النمو السكاني والاقتصادي في العاصمة. فحجم الاستثمار وضخامة المشروع يضعان الرياض في مصاف أكبر المدن الذكية عالميا في مجال النقل الحضري. 

نحو مدينة ذكية متكاملة: إن مترو الرياض وشبكة الحافلات المساندة لا يمثلان مشروعا حضريا فقط، بل رسالة استراتيجية أن المملكة تسير بخطى ثابتة نحو بناء مدن ذكية متكاملة، قادرة على استيعاب النمو السكاني، وتحقيق الاستدامة البيئية، وتعزيز تنافسية العاصمة عالميا. 

نستخلص مما سبق التالي: 

1 - مترو الرياض: أطول شبكة مترو آلي في العالم بطاقة استيعابية تتجاوز 3 ملايين راكب يوميا. 

2 - الحافلات المساندة: تكامل ذكي يضمن سهولة الوصول وجودة الخدمة. 

3 - رؤية 2030: الاستراتيجية الوطنية للنقل وبرنامج جودة الحياة كممكنات رئيسية. 

4 - الرياض تنافس كبرى العواصم العالمية في مجال النقل الذكي. 

التجربة السعودية في النقل الحضري الذكي تضع الرياض في مصاف العواصم العالمية، لكنها تفتح أيضا باب التساؤل الاستراتيجي: هل يكفي بناء شبكة حضرية متطورة داخل المدن لتحقيق الطموحات الوطنية، أم أن المملكة تحتاج إلى مشروعات عابرة للقارات مثل «اللاندبريدج السعودي» لربط الشرق بالغرب وتحويلها إلى جسر قاري عالمي؟ 

في المقال القادم، سننتقل إلى مشروع «اللاندبريدج السعودي» الذي يربط الشرق بالغرب ويحول المملكة إلى جسر قاري عالمي.