الأملاح زائدة في جسم ابني!!
الأربعاء - 01 أكتوبر 2025
Wed - 01 Oct 2025
في رسالة وردتني يقول أحد الآباء:
فوجئت في أحد الأيام بابني البالغ من العمر 13 عاما، يشكو من آلام في باطن قدمه، واصطحبته إلى الطبيب للاطمئنان على حالته، وبعد إجراء الفحوصات والتحاليل تبين أن لديه ارتفاعا في نسبة الأملاح، وتم وصف العلاج اللازم مع التوصية بضرورة الحرص على شرب الماء بشكل جيد للحفاظ على صحة الجسم وعدم التعرض لارتفاع الأملاح.
في الواقع يعتقد البعض أن مشكلة زيادة الأملاح في الجسم تنحصر في الكبار فقط دون الأطفال، ولكن هذا غير صحيح، فزيادة الأملاح عند الأطفال ليست مشكلة بسيطة، بل هي إنذار يستدعي الانتباه، فمعظم أسبابها يمكن الوقاية منها من خلال شرب الماء بانتظام، واتباع نظام غذائي متوازن، ومراقبة صحة الطفل بشكل دوري.
ومن الناحية الطبية تعد الأملاح في جسم الأطفال من أهم العناصر التي لا يمكن الاستغناء عنها، فهي المسؤولة عن تنظيم العديد من العمليات الحيوية وضمان النمو السليم للجسم، وعلى الرغم من أن نسب الأملاح عند الأطفال أقل مما هي عند البالغين، إلا أن أي خلل سواء بالنقص أو الزيادة ينعكس مباشرة على صحتهم ونموهم، فزيادة الأملاح في الجسم تعني ارتفاع مستوى بعض المعادن أو المركبات مثل الصوديوم أو حمض اليوريك، مما يؤدي إلى ظهور أعراض مزعجة قد تتطور إلى مضاعفات إذا لم يتم التعامل معها علاجيا بالشكل الصحيح.
وهناك عدة عوامل قد تؤدي إلى ارتفاع نسبة الأملاح في جسم الأطفال من أبرزها قلة شرب الماء، فالأطفال كثيرا ما يهملون هذا الجانب فلا يتناولون كميات كافية من الماء، مما يؤدي إلى الجفاف وتراكم الأملاح، وأيضا الإفراط في تناول الأطعمة المصنعة ومنها على سبيل المثال الشيبس، والوجبات الخفيفة المملحة (المكيسة) وإضافة إلى ذلك الوجبات السريعة، المعلبات، النقانق والمخللات، حيث تحتوي على نسب عالية من الملح والمواد الحافظة، وهناك عامل طبي وهو ضعف وظائف الكلى، فبعض الأطفال قد يعانون من مشاكل خلقية أو التهابات في الكلى تجعل التخلص من الأملاح أصعب، أيضا تلعب العوامل الوراثية دورا في ارتفاع الأملاح لدى الأطفال، فإذا كان أحد الوالدين يعاني من زيادة حمض اليوريك أو مشاكل في الكلى، فقد يكون الطفل أكثر عرضة لذلك مستقبلا بسبب توفر العامل الوراثي ونتيجة اتباع نمط غير صحي في الحياة، وبجانب كل ما سبق تعد قلة ممارسة النشاط البدني من العوامل المؤثرة، فمع نمط الحياة العصري والإفراط في الجلوس أمام الشاشات، تقل حركة الأطفال مما يؤثر على توازن السوائل والأملاح في الجسم، وقد يشكل أيضا استخدام بعض الأدوية كمدرات البول عاملا للإصابة بالأملاح.
أما أعراض زيادة الأملاح عند الأطفال فتختلف من طفل لآخر حسب نوع الملح الزائد ودرجته، لكن هناك مؤشرات يجب أن تثير انتباه الأهل ومنها الشعور بالعطش المستمر، التبول المتكرر أو قلة كمية البول، آلام في المفاصل أو العظام (خاصة مع زيادة حمض اليوريك)، تورم في القدمين، وهنا يجب عرض الطفل للطبيب للتشخيص وأخذ العلاج اللازم.
أما ما يتعلق بالوقاية والعلاج، فالوقاية هي الأساس في حماية الأطفال من مشاكل زيادة الأملاح، ويمكن تحقيقها من خلال اتباع خطوات بسيطة في الحياة اليومية، ومن ذلك تشجيع الأطفال على شرب الماء بانتظام على مدار اليوم حتى في حال عدم شعورهم بالعطش، خاصة في الأجواء الحارة أو بعد اللعب وممارسة الرياضة، الحرص على تعديل النظام الغذائي بتقليل الملح والأطعمة المصنعة والمعلبات والمخللات، مع زيادة تناول الخضراوات والفواكه الطازجة، الحرص على النشاط البدني المناسب لعمر الطفل، سواء كان ذلك داخل بيته أو حتى في الهواء الطلق كالحدائق والملاعب الرياضية أو مماشي الأحياء، وضرورة الحرص على تناول وجبات منزلية صحية بدلا من الاعتماد كثيرا على الوجبات السريعة الجاهزة، وأيضا مراجعة الطبيب عند ظهور أعراض غير صحية، حيث قد يحتاج الطفل إلى فحوصات الدم والبول لتحديد نوع الأملاح الزائدة ووضع خطة علاجية مناسبة، كما يقع على عاتق الوالدين دور كبير في حماية الأطفال من هذه المشكلة، وذلك من خلال غرس العادات الصحية منذ الصغر، مثل تفضيل الماء على العصائر الغازية والمعلبة وغيرها السكرية المركزة، والحد من تناول الوجبات السريعة، وتشجيعهم على تناول الخضراوات والفواكه، فكل هذه الوصايا الصحية تساعد كثيرا بإذن الله في حماية الأطفال من مشكلة زيادة الأملاح في الجسم.
الخلاصة: ارتفاع الأملاح عند الأطفال مؤشر غير صحي يستدعي الانتباه المبكر، فالوقاية خير من العلاج، ولتجنب هذه المشكلة ينصح بتعويد الأطفال على شرب الماء بانتظام، وتجنب المشروبات الغازية والعصائر السكرية، والابتعاد قدر الإمكان عن الوجبات السريعة والوجبات الخفيفة المكيسة والمليئة بالملح والدهون، مع التقليل من الأطعمة الغنية بحمض اليوريك، وهي في الأساس الأطعمة التي تحتوي على نسبة عالية من البيورينات، حيث يقوم الجسم بتفكيك هذه البيورينات وينتج عنها حمض اليوريك، وأيضا الأطعمة الغنية بالأوكسالات وهي الأطعمة التي تحتوي على مركبات الأوكساليك، والتي قد تتحول في الجسم إلى أملاح الأوكسالات، ويبقى النظام الغذائي المتوازن هو السبيل الأمثل لحماية صحة أطفالنا ومنحهم نموا سليما وحياة مليئة بالنشاط والحيوية.