التوسع والتوسع.. حتى الإفلاس

ربما لا نسمع عن حالات إفلاس كثيرة بسبب التوسع، ولكن كثيرا منها يؤدي إلى التدهور في الأعمال والالتزامات المالية وارتفاع المصروفات وانخفاض الأرباح. لا نستغرب حالات نجاح لكثير من المشاريع والتجارة والمقاولات وريادة الأعمال، ولكن نستغرب استدامة بعضها عندما يبدأ بالتوسع غير المدروس. النجاح في البدايات، والنجاح في التوسعات الأولية، جميعها تعطي الضوء الأخضر على عدم التوقف في التوسع.

هذا ما يراه كثير من الناجحين في بدايات أعمالهم، ولكن الحقيقة ليست كذلك، فالمسألة ليست أماني، بل إن التوسع في الأعمال لا تكفيه نجاحات نماذج أولية، ثم نضاعف الحجم بالأدوات نفسها والفكر نفسه، حتى تكثر المشاكل والالتزامات المادية وترتفع المصاريف، فيصعب التراجع، والاندفاع للأمام يفاقم المشاكل حتى تصطدم بالحائط. بالمختصر، نجاح رائد الأعمال في المراحل الأولى وجني أرباح، لا يعنيان أنه سينجح في توسع أعماله بطريقة مضاعفة.

عندما يحدثك رائد أعمال عن مشاريعه وأعماله، يركز دائما على الصورة الوردية المستقبلية في حال انتقل إلى المراحل التي يحلم بها، ولكنه لا يحدثك عن «دراسة مخاطر» تفصيلية، ولا عن أدوات جديدة لدعم التوسع، ولا عن أي تصورات أو نماذج من التحديات.

التوسع يحتاج أدوات مثل حوكمة عالية وفريق عمل متمكن وربما بفكر مختلف. ومضاعفة الأعداد الإدارية (فقط)، ليست الشرط الوحيد للتوسع ومضاعفة الكوادر البشرية.

المسألة ليست فقط نزيد عدد موظفي الموارد البشرية، بل تطبيق أنظمة تقنية لإدارة الموارد البشرية وتطبيق أدوات جديدة لإدارة هذه الموارد البشرية وأقسام للتميز المؤسسي للموارد البشرية، وأقسام للمراقبة والتظلم وغيرها الكثير.

والأهم من هذا وذاك، نحتاج معايير جديدة وأنظمة للمحافظة على السمعة والبراند، فمع عصر برامج التواصل الاجتماعي، أي غلطة بسيطة قد تجيش الرأي العام ضدك، وتبدأ المعاناة.

بالطريقة نفسها، التوسع المضاعف لا يتطلب فقط زيادة عدد الكوادر العاملة في أقسام المشتريات، بل أنظمة للمشتريات وأقسام للشراكات، وكذلك أقسام المبيعات فالمسألة ليست زيادة عدد الكوادر العاملة في المبيعات، بل أقسام جديدة للتسويق والابتكار والإبداع وجودة المنتج، ونحتاج أيضا - للتوسع - أقساما خاصة للمعايير والجودة مثل شهادات الآيزو وغيرها.

نجاح المراحل الأولى ربما لا يجد صعوبة في التمويل، ولكن عندما تكبر الأعمال، فالتمويل يكون أصعب بمراحل كثيرة، وكذلك الضمانات. ونجاح منظومة يعمل بها 100 موظف لا يعني أننا نحتاج فقط لمضاعفة عدد الإداريين لإنجاح منظومة بها 1000 موظف. المسألة تحتاج دراسات وأدوات وأنظمة أعمال وأنظمة تقنية.

أنصح من أراد التوسع أن يتعرف على «برنامج طموح» التابع للهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة، والذي يدعم التوسع المدروس، فالبرنامج يوفر الوصول المباشر إلى قنوات التمويل والمعرفة والأسواق، ويخلق بيئة محفزة لنمو وتوسع المنشآت من خلال ربطها بمقدمي الخدمات وقنوات الدعم والأنظمة، ويمكن المنشآت من تحقيق التنافسية والتوسع في الأسواق.

Barjasbh@