ليلى علي مجرشي

بين السرد والصورة.. رحلة الإعلام السعودي نحو العالم

الاثنين - 29 سبتمبر 2025

Mon - 29 Sep 2025


في أمسيات موسم الرياض، تابع ملايين المشاهدين حول العالم عروضا فنية وموسيقية لم يسبق لها مثيل في الشرق الأوسط. على شاشات التلفزيون ومواقع التواصل الاجتماعي، لم تكن الصور وحدها هي ما خطف الأنظار، بل السرد الإعلامي الذي رافقها، والذي جعل من هذه الفعاليات أكثر من مجرد حدث ترفيهي، بل قصة نجاح تنقل رسالة المملكة إلى العالم. الإعلام السعودي اليوم يعيش مرحلة فريدة من التجربة؛ إذ أصبح الصوت والصورة معا أدوات لصياغة هوية جديدة للمملكة، تظهر للعالم تحولاتها الثقافية والرياضية والترفيهية بشكل يليق برؤية 2030.

السعودية لم تعد تكتفي بالإعلان عن مشاريعها وإنجازاتها؛ فهي تبني قصصا تصل إلى جمهور عالمي. من العلا إلى الفورمولا إي، ومن مهرجانات الموسيقى إلى البطولات الرياضية، لم يعد الحدث مجرد تقويم على جدول الأخبار، بل أصبح قصة متكاملة يمكن للجمهور العالمي التعاطف معها وفهم أبعادها الثقافية والاجتماعية. الصحافة السعودية نجحت في توظيف أسلوب السرد القصصي بحيث تظهر المملكة كمساحة للابتكار والانفتاح، بينما تحافظ على أصالتها الثقافية. هذا الأسلوب يجعل الأخبار حكاية يمكن للجمهور الدولي استيعابها والتفاعل معها.

إلى جانب السرد المحلي، تلعب التغطية العالمية دورا كبيرا في بناء الصورة الذهنية للمملكة. فالصحف والقنوات العالمية لم تعد تتناول السعودية فقط في سياق السياسات أو الاقتصاد، بل اهتمت بعرض صور تحولاتها الاجتماعية والثقافية. هذه الصورة لا تبنى بالكلمات السعودية وحدها، بل تتشكل أيضا بتفاعل الإعلام العالمي معها. عناوين مثل «السعودية تعيد تعريف الترفيه والثقافة» أو «الرياض تتحول إلى وجهة عالمية» تعكس كيف يمكن للغة الإعلامية أن تكون جسرا بين الواقع المحلي والانطباع الدولي.

مع كل هذه النجاحات، يواجه الإعلام السعودي تحديات حقيقية. فقد تفقد الرسائل جزءا من قوتها عند الانتقال إلى لغات وثقافات مختلفة، أو حين تفسر الأخبار خارج سياقها. إضافة إلى ذلك، هناك المنافسة مع أجندات إعلامية أخرى قد تعكس صورة مشوهة أو متحيزة. وهنا تظهر الحاجة لخطاب إعلامي ليس فقط للترويج، بل للإقناع، قائم على أفعال كلام وحجاج إعلامي قادر على بناء الثقة مع الجمهور الدولي.

المستقبل يحمل فرصا واسعة للإعلام السعودي. من تطوير منصات رقمية متعددة اللغات، إلى الاستثمار في الصحفيين المدربين على السرد الرقمي والبصري، يمكن أن يصبح الإعلام أداة أقوى لنقل القوة الناعمة للمملكة. التحدي الأكبر يكمن في تحويل القصص المحلية إلى تجارب عالمية مشتركة، بحيث تتجاوز الأخبار والتقارير حدود المملكة لتصل إلى كل قارئ ومشاهد بطريقة جذابة ومقنعة.

رحلة الإعلام السعودي نحو العالم ليست مجرد مهمة إعلامية؛ إنها رحلة بين السرد والصورة، بين ما نريد قوله وما يفهمه العالم. الإعلام اليوم هو الجسر الذي يربط بين الإنجاز المحلي والاعتراف العالمي، وهو الأداة الحية التي ستحدد مدى نجاح المملكة في نقل قوتها الناعمة إلى العالم بشكل فعال ومستدام.

layla636@