عبدالله أحمد الزهراني

صيف الباحة بين الأمانة والترفيه والسياحة

الخميس - 18 سبتمبر 2025

Thu - 18 Sep 2025


كان صيف هذا العام في منطقة الباحة غاية في التطرف، فبعد بداية ساخنة انتشرت فيها بضعة حرائق في الغابات، ثم بدأ بعدها الغبار الموسمي بشن هجماته لفترة ليست بالقصيرة، إلا أن تلك الهجمات الغبارية تراجعت وتلاشت، لتكون النهاية في غاية الجمال، حيث أخذت الأمطار والضباب كعادتهما الموسمية في زيارة المنطقة ليصلحا ما خلفته الحرائق والغبار من آثار، فبدا وكأن الصيف بدأ من جديد بصورة مبهجة وأجواء مدهشة جمعت بين ضباب الشتاء وبرودته وبين خضرة الربيع وأزهاره لتشكل نهاية سعيدة لصيف بدأ قاسيا شديدا، وغادر نضرا بهيا فكان الختام مسكا، حتى أن الحركة السياحية نشطت وبلغت أوجها في المنعطف الأخير لفصل الصيف رغم أن الإجازة المدرسية تلفظ أنفاسها الأخيرة.

ومنطقة الباحة كغيرها من المناطق والمحافظات التي يستقبلها المصطافون للاستمتاع بأجوائها المعتدلة وطبيعتها الخلابة هربا من الحر وطلبا للراحة والاستجمام، وهي تحاول جاهدة تقديم باقات متنوعة من البرامج والأنشطة والفعاليات لجذب المصطافين والترويح عنهم. وتتولى أمانة الباحة مشكورة التنظيم والتنسيق والإشراف على هذه الفعاليات، وفي هذا الموسم كان هناك أكثر من 500 فعالية تحت شعار (الباحة تراث وسياحة) في مختلف المحافظات، مع العلم أن وزارة السياحة دشنت برنامج صيف السعودية هذا العام تحت شعار (لون صيفك)، وهنا قد يبدو للمتابع عدم التناغم بين صيف الوزارة وصيف الباحة، وقد اجتهدت أمانة المنطقة مشكورة في التنظيم والإشراف على الأنشطة والفعاليات السياحية، وهذه الجهود إضافة على ما تقوم به من واجباتها الأساسية. وبالإضافة لما قامت به الأمانة، فقد كان هناك مناشط وفعاليات أخرى تقوم بها جمعيات التنمية المحلية وخاصة التراثية وكذلك الأفراد سواء في القرى التراثية أو في المتاحف أو المزارع.

وكل هذا الحراك حدث في ظل دعم لا محدود من إمارة المنطقة ومساهمة محدودة من وزارة السياحة وهيئة الترفيه، فكيف كان سيكون موسم الصيف من حيث نوعية الفعاليات وجودتها ومدي الإقبال عليها لو تضافرت جهود الجميع من الأمانة ووزارة السياحة وهيئة الترفيه والجمعيات غير الربحية والمستثمرين الأفراد كل فيما يخصه، فالتنسيق والتعاون بين هذه الجهود سيشكل منظومة قادرة على المنافسة والمساهمة بتقديم صيف لا ينسى.

ولعل الزائر للباحة يلاحظ قلة غرف ومرافق الإيواء، حيث إن المعروض أقل بكثير من حجم الطلب وتزايده، حيث يوجد هناك شح في الفنادق والشقق المفروشة بالإضافة إلى إغلاق وتعثر بعض الفنادق والشقق المفروشة لأسباب ربما تكون تنظيمية أو مالية، وهنا يأتي دور وزارة السياحة في معالجة هذا النقص بتقييم الوضع الراهن ودعم القائم من المشاريع وتذليل الصعوبات أمام المشاريع المتعثرة وجذب المزيد من المستثمرين لرقع هذه الفجوة الكبيرة بين العرض والطلب في الوحدات الفندقية، ولعل الصورة اتضحت لمعالي الوزير خلال زيارته الأخيرة للمنطقة، ولا شك أنه سيوليها اهتمامه الشخصي.

ورغم لجوء بعض الأفراد لبناء الأكواخ للمساهمة في سد هذا العجز، إلا أنها تظل جهودا فردية تفتقر للنضج وتحتاج للتنظيم والإشراف خصوصا من ناحية السلامة والاستدامة والخصوصية والمظهر.

وفيما يخص هيئة الترفيه، فلا يخفى على الجميع نجاح برامجها ومواسمها في المدن كافة، ورغم جاذبية الأجواء في منطقة الباحة وكثافة السواح من الفئات العمرية كافة من داخل وخارج السعودية، إلا أن فعاليات هيئة الترفيه في المنطقة محدودة ولا ترتقي لما تتطلع له الباحة كوجهة سياحية محلية وإقليمية، لذا فالمرجو من الهيئة تصميم برامج أو عمل موسم خاص بمنطقة الباحة يستهدف فئة الأسر خاصة الأطفال وكذلك فئة الشباب، حيث تشكلان النسبة الأكبر من السواح.

raheenalzain@