سعاد عبدالله الشمراني

التخلص من العلاقات السامة ووضع الحدود الصحية

الأربعاء - 17 سبتمبر 2025

Wed - 17 Sep 2025

في زمن تتشابك فيه العلاقات وتتسارع فيه وتيرة الحياة، أصبح الحفاظ على الصحة النفسية ضرورة لا تقل أهمية عن الاهتمام بالصحة الجسدية. ومن أبرز ما يهدد هذه الصحة النفسية هي العلاقات السامة، تلك الروابط التي تستنزف طاقة الإنسان، وتضعف ثقته بنفسه، وتزرع بداخله شعورا بالذنب أو العجز.

العلاقة السامة لا تعني دائما صراخا أو عنفا صريحا، بل قد تكون في هيئة استهزاء مستمر، تقليل من قيمة الطرف الآخر، أو استغلال عاطفي ومادي. تكمن خطورتها في أنها قد تتخفى تحت مسميات الحب، الصداقة، أو حتى صلة القرابة، مما يجعل اكتشافها صعبا أحيانا.

التخلص من هذه العلاقات ليس أنانية، بل حماية للنفس. فالتشبث بعلاقة سامة يشبه حمل حجر ثقيل أثناء محاولة السباحة؛ إما أن تتخلى عنه لتنجو، أو تستمر في الغرق. والقطع هنا لا يعني بالضرورة عداء أو قطيعة تامة، بل قد يكون أحيانا عبر تقليل التواصل، أو إعادة تعريف شكل العلاقة بما يخدم التوازن النفسي.

لكن التخلص وحده لا يكفي؛ إذ لا بد من وضع حدود صحية. الحدود ليست جدرانا تبعد الآخرين، بل هي خطوط واضحة تحفظ الاحترام المتبادل. قد تكون هذه الحدود بسيطة مثل رفض المكالمات في أوقات الراحة، أو أكثر عمقا مثل رفض تحمل مسؤوليات ليست من شأنك. والأهم أن تكون الحدود واضحة لك قبل أن تفرضها على الآخرين، وأن تتمسك بها بثبات دون شعور بالذنب.

المجتمعات العربية خصوصا قد تنظر أحيانا لوضع الحدود على أنه "تقصير" أو "جفاء"، لكن الواقع أن غياب الحدود هو ما يخلق الفوضى والخذلان. فالعلاقة الصحية تبنى على الصراحة والاحترام، لا على الاستنزاف والضغط.

في النهاية، التخلص من العلاقات السامة ووضع الحدود الصحية ليس رفاهية نفسية، بل خطوة أساسية للحياة المتوازنة. ومن يظن أنه قادر على تحمل كل شيء من أجل إرضاء الآخرين، سيكتشف متأخرا أنه خسر نفسه أولا.

إن الحفاظ على نفسك ليس أنانية.. بل هو أعلى درجات المسؤولية.