حين يخذلك الرد السريع... وينصفك عدل السماء
الثلاثاء - 16 سبتمبر 2025
Tue - 16 Sep 2025
نمضي على طريق الحياة مفعمين بكثير من الأمل في أن نجد من يشبهنا ومن يتحدث لغتنا الإنسانية ذاتها ويعتنق طريقتنا ذاتها في النظر إلى العالم ومن فيه، وعلى تلك الطريق نتجاوز عقباتنا التي يصنعها الآخر، متخففين من أحمال العقد النفسية، ما يصنع فينا جمالا في النفس يفتقر إليه كثيرون، لكن ومع ذلك، نحط رحالنا في محطات قد نبدو فيها وكأننا كسرنا، عندما يخيل إلينا بأننا فشلنا في استحقاق الفجأة حين تباغت عقولنا البريئة أحوال ومواقف نهاجم فيها فلا نستطيع أن نرد لحظة الهجوم، وتغيب عنا طرق الرد، فيظن فينا الناس ظنونهم، ويخيل للمهاجم أنه انتصر، والمشكلة هي أنه يصدق بأنه كان مظلوما وأخذ حقه!
هذه المعارك القصيرة التي نخوضها من وقت لآخر دائما ما تكون معارك غير بريئة، يديرها الآخر، ونحن نكون مجرد متفرجين على أنفسنا، لأن الذين لا يمتلكون ملكة الرد السريع الحاسمة، ولا يتذكرون ماذا كان يجب أن يقولوا إلا بعد انتهاء مشهد مباغتتهم، إنما يقعون فريسة لسرعة حضور ذهن المهاجم وإدراكه لحقيقة من يقابله، فيخرج بنصر زائف لا قيمة له على المستوى الأخلاقي!
النصر الحقيقي ليس في نتيجة ما ينتهي إليه صراع غير متكافئ القوى على مستوى معارك الضمير، فجولات التدافع البشري كلها تدور في فلك قيمتين ثابتتين هما الظلم والعدل، وحينما تخرج مهزوما من جولة فإن هذا لن يمثل نهاية المطاف لأن القوة الحقيقية القادرة بأن تعيد إليك حقك في أن ينظر إليك النظرة الصحيحة التي تستحقها، تلك القوة تمثل دائما العدل الإلهي الذي لا بد له أن يتحقق مهما ظننت بأن فردا في محيطك الاجتماعي قد ذهب منتشيا بنصر شخصي أوهم نفسه به!
لا تفقد إيمانك في أن عدم قدرتك على صد هجوم لاذع لشخص اعتاد أن يطوع لسانه وعقله بمهارة كبيرة ليهزم به من هو أقل قدرة منه، وأضعف على مستوى حضور الذهن السريع، عدم القدرة على مجابهته لا تعني أن نهاية المطاف بالنسبة لك هي الهزيمة الدائمة. الإنسان في نهاية المطاف هو مستودع عميق من التجارب الإنسانية، والتجربة لن تخذلك لأنها صناعة الله فيك، ونحن جميعنا لا نولد جاهزين، بل نتدرج في الصناعة الإلهية، ونتطور يوما بعد آخر، واليوم ذهنك قد لا يحضر بسرعة لتأخذ حقك، لكنه مع اكتمال تجربتك في الحياة سيكون حاضرا وبقوة.
hananabid10@