الثقة في مهب الريح: نزاع بين مستأجر ومكتب
الخميس - 11 سبتمبر 2025
Thu - 11 Sep 2025
حين استقل سيارته صباحا، لم يكن يعلم أن طريقه سيقوده إلى قاعة المحكمة.
"سامي" - شاب في مقتبل العمر - اعتاد أن يستأجر سيارة من المكتب ذاته كل نهاية أسبوع، يقل بها والدته إلى مزرعة العائلة.
وفي ذلك اليوم، وقع على عقد التأجير دون أن يقرأ كل الشروط الصغيرة التي تطبع عادة بخط رمادي باهت، في أسفل الصفحة.
عاد بالسيارة مساء، وسلم المفتاح إلى الموظف، كما يفعل دائما. لكن بعد يومين، تلقى اتصالا حاد اللهجة من مكتب التأجير:
"السيارة فيها خدوش في الجهة اليمنى الخلفية... وستحمل كامل قيمة الإصلاح عليك، إضافة إلى أيام توقف السيارة عن العمل!".
صعق سامي، وأقسم أنه لم يصطدم بها قط. لكن المكتب استند إلى شرط في العقد ينص على:
"المستأجر مسؤول عن أي ضرر يكتشف بعد التسليم ما لم يثبت خلاف ذلك".
تحولت الحكاية من استئجار سيارة إلى مواجهة قانونية. وتقدم سامي بشكوى أمام المحكمة، يطالب فيها برفض التعويض واعتبار الشرط تعسفيا.
قال للقاضي:
- "كيف لي أن أثبت عدم وقوع الحادث، إن كانوا لم يفحصوا السيارة أمامي؟ بل حتى لم يسلموني تقريرا عند الاستلام!".
هنا بدأت كفة الميزان تميل. فقد نصت المادة (27) من نظام المعاملات المدنية السعودي على أن:
"يتحمل من يشترط شرطا تعسفيا عبء إثبات وقوع الفعل الذي بني عليه الشرط".
كما اعتبرت المادة (138) أن:
"الشرط الذي يختل فيه التوازن بشكل جسيم بسبب استغلال أو جهل أحد الطرفين يجوز للمحكمة تعديله أو إبطاله".
وهكذا، حكمت المحكمة لصالح سامي، وأبطلت شرط التحميل المطلق، لعدم إجراء محضر استلام رسمي مشترك، ولأن المكتب لم يثبت نسبة الضرر إلى فترة استخدام المستأجر.
خرج سامي من المحكمة مبتسما. لم يكن فرحه فقط لأنه كسب الدعوى، بل لأنه شعر لأول مرة أن القانون "ليس نصا جامدا"... بل درع يحمي من يظلم ولو كان مجرد مستأجر سيارة.
رسالة إلى الشارع العام:
– اقرأ عقدك جيدا، ولا توقع على أوراق لا تفهمها.
– لا تقبل تسليم أي سيارة دون فحص مشترك وتصوير موثق.
– لا تتنازل عن حقك في المحضر، فالفم يخطئ، لكن الصورة لا تكذب.
– وأخيرا: دمعة المظلوم - ولو كانت على خد سيارة - تمسحها العدالة، إذا رفعت إلى القاضي لا إلى صاحب المكتب.
expert_55@
"سامي" - شاب في مقتبل العمر - اعتاد أن يستأجر سيارة من المكتب ذاته كل نهاية أسبوع، يقل بها والدته إلى مزرعة العائلة.
وفي ذلك اليوم، وقع على عقد التأجير دون أن يقرأ كل الشروط الصغيرة التي تطبع عادة بخط رمادي باهت، في أسفل الصفحة.
عاد بالسيارة مساء، وسلم المفتاح إلى الموظف، كما يفعل دائما. لكن بعد يومين، تلقى اتصالا حاد اللهجة من مكتب التأجير:
"السيارة فيها خدوش في الجهة اليمنى الخلفية... وستحمل كامل قيمة الإصلاح عليك، إضافة إلى أيام توقف السيارة عن العمل!".
صعق سامي، وأقسم أنه لم يصطدم بها قط. لكن المكتب استند إلى شرط في العقد ينص على:
"المستأجر مسؤول عن أي ضرر يكتشف بعد التسليم ما لم يثبت خلاف ذلك".
تحولت الحكاية من استئجار سيارة إلى مواجهة قانونية. وتقدم سامي بشكوى أمام المحكمة، يطالب فيها برفض التعويض واعتبار الشرط تعسفيا.
قال للقاضي:
- "كيف لي أن أثبت عدم وقوع الحادث، إن كانوا لم يفحصوا السيارة أمامي؟ بل حتى لم يسلموني تقريرا عند الاستلام!".
هنا بدأت كفة الميزان تميل. فقد نصت المادة (27) من نظام المعاملات المدنية السعودي على أن:
"يتحمل من يشترط شرطا تعسفيا عبء إثبات وقوع الفعل الذي بني عليه الشرط".
كما اعتبرت المادة (138) أن:
"الشرط الذي يختل فيه التوازن بشكل جسيم بسبب استغلال أو جهل أحد الطرفين يجوز للمحكمة تعديله أو إبطاله".
وهكذا، حكمت المحكمة لصالح سامي، وأبطلت شرط التحميل المطلق، لعدم إجراء محضر استلام رسمي مشترك، ولأن المكتب لم يثبت نسبة الضرر إلى فترة استخدام المستأجر.
خرج سامي من المحكمة مبتسما. لم يكن فرحه فقط لأنه كسب الدعوى، بل لأنه شعر لأول مرة أن القانون "ليس نصا جامدا"... بل درع يحمي من يظلم ولو كان مجرد مستأجر سيارة.
رسالة إلى الشارع العام:
– اقرأ عقدك جيدا، ولا توقع على أوراق لا تفهمها.
– لا تقبل تسليم أي سيارة دون فحص مشترك وتصوير موثق.
– لا تتنازل عن حقك في المحضر، فالفم يخطئ، لكن الصورة لا تكذب.
– وأخيرا: دمعة المظلوم - ولو كانت على خد سيارة - تمسحها العدالة، إذا رفعت إلى القاضي لا إلى صاحب المكتب.
expert_55@