محمد إدريس

بريق اللحظة.. وصناعة الوهم

الأربعاء - 03 سبتمبر 2025

Wed - 03 Sep 2025

المنصات المفتوحة لم تبتكر ثقافة ولا أضافت قيمة، بل صنعت ألعوبة عجيبة: يكفي مقطع فارغ أو جملة تافهة، حتى يقفز صاحبها من قاع المجهول إلى صدارة المشهد. فجأة يتحول إلى "قدوة"، تتبعه الإعلانات، ويسوق على أنه النموذج الأشهر لجيل كامل.. جيل لا ذنب له إلا أن الخوارزميات ساقته إلى مسرح الوهم.

المثير للسخرية أن هذه النجومية لا تستند إلى موهبة ولا أثر، بل إلى هتاف جموع افتراضية صارت تصفق لكل ما يلمع، حتى لو كان بقايا غبار. في النهاية يعترفون بوقاحة "نحن من صنعناهم بمتابعتنا". نعم.. نحن من رفع التافهين فوق الرؤوس ثم جلسنا نتذمر من ضجيجهم.

الحقيقة المرة أن ما يحدث ليس مصادفة؛ بل مرآة لعزوف جماعي عن الثقافة، وانهيار معايير الذائقة، وانبهار ساذج بكل ما يمر على الشاشة الصغيرة. في المقابل، يظل أصحاب الفكر الحقيقي والموهبة الحقيقية في الهامش، يتنفسون بصعوبة تحت ركام هذا الضجيج، وكأن المجتمع قرر بإصرار أن يضع البلاهة في المقدمة، ثم يلعنها ليل نهار.

والسؤال: هل نحن ضحايا هذه الموجة الرديئة؟ أم أننا رعاتها الأصليون؟ الضوء لا يسقط وحده.. نحن الذين نوجهه، ونحن الذين اخترنا أن نسلط الكاميرا على الوجوه الفارغة، بينما تركنا الموهبة الحقيقية خلف الستار إنها ليست صناعة نجوم.. بل صناعة وهم، يتغذى على غفلتنا ويكبر على حساب "بقايا الحقيقة".
نقطة تحت السطر: نحن من صنعنا الوهم، ثم صدقناه.