مدينة تعرفك وتحميك: الأمن في زمن الذكاء
الاثنين - 01 سبتمبر 2025
Mon - 01 Sep 2025
ما الذي يجعل مدينة ما ذكية حقا؟ هل هو توفر الإنترنت في الشوارع؟ أم الإشارات التي تتغير تلقائيا؟
الحقيقة أن الذكاء الحضري لا يقاس بالتقنيات فقط، بل بقدرة المدينة على أن تحميك دون أن تقيدك... أن تتعرف عليك دون أن تراقبك... أن تمنحك الأمان دون أن تنتزع حريتك.
في عصر المدن الذكية، الأمن أصبح رقميا، استباقيا، وسلوكيا. الهدف لم يعد مجرد الاستجابة للحوادث، بل منعها قبل أن تقع، وتحليل أسبابها، وبناء أنظمة تتطور ذاتيا مع سلوك السكان.
ما هو الأمن الذكي في المدن؟
أولا: المراقبة المتصلة بالذكاء الاصطناعي: كاميرات الشوارع لم تعد تكتفي بالتسجيل، بل تحلل الأنماط، وترسل تنبيهات في حال وجود سلوك غير اعتيادي.
ثانيا: إنترنت الأشياء (IoT): أجهزة الإنذار، والحساسات الحرارية، وكواشف الدخان، وأنظمة المباني الذكية... كلها تتصل ببعضها في شبكة حضرية واحدة، وترسل إشارات فورية في حال الخطر.
ثالثا: الأمن السيبراني: مع كثافة البيانات وحساسيتها، تصبح حماية البنية الرقمية للمدينة أمرا مصيريا.
فأمن المدينة لم يعد فقط في الشوارع، بل في الخوادم، والمنصات، والتطبيقات.
رابعا: الخصوصية كأساس للثقة: لا يمكن بناء مدينة آمنة دون احترام خصوصية مواطنيها.
ولذلك، تتجه المدن الذكية إلى استخدام تقنيات «الخصوصية حسب التصميم»، لضمان أن أي جمع بيانات يكون محددا، آمنا، ومبررا.
في السعودية، ومع تسارع التحول الرقمي في ظل رؤية 2030، نشهد نماذج أمن ذكي متقدمة:
- منصة «ساهر» التي لا تكتفي بتسجيل المخالفات، بل تحلل السلوك المروري لتحسين السلامة.
- مشروع المدينة الآمنة في الرياض الذي يستخدم تقنيات تحليل الفيديو والتنبؤ بالمخاطر.
- مبادرات الهيئة الوطنية للأمن السيبراني لتأمين البنية التحتية الرقمية للمدن.
التحدي الحقيقي: التوازن
التقنية قد تعزز الأمن... وقد تفرط فيه. لذا، يكمن التحدي في التوازن بين الفعالية والخصوصية، بين الحماية والثقة، بين التكنولوجيا والإنسان.
أيها المسؤول، لا تسأل فقط «هل لدينا كاميرات كافية؟ هل النظام يعمل؟» بل اسأل:
- هل يشعر المواطن بالأمان... أم بالمراقبة؟
- هل تحمينا المدينة... دون أن تخنقنا؟
- هل نصمم أمنا يثق فيه الناس، لا يخافونه؟
في ظل رؤية السعودية 2030، نحتاج إلى مدينة تحمينا لأنها تعرفنا، لا لأنها تراقبنا.
مدينة تؤمن بأن الأمن ليس قوة... بل ذكاء، توازن، وإنسانية.
EngWalid67@